وحكى البغوي في «تفسيره» (١) عن الواحدي (٢) أن جميع ما في القرآن من «لعلّ» فإنها للتعليل ، إلا قوله [تعالى] : (لَعَلَّكُمْ تَخْلُدُونَ) (الشعراء : ١٢٩) ، فإنها للتشبيه.
وكونها للتشبيه غريب لم يذكره النحاة ، ووقع في «صحيح البخاري» (٣) في قوله [تعالى] : (لَعَلَّكُمْ تَخْلُدُونَ) أن «لعل» للتشبيه. وذكر غيره أنها للرجاء المحض ؛ وهو بالنسبة إليهم. واعلم أن الترجي والتمني من باب الإنشاء ، كيف يتعلقان بالماضي! وقد وقع خبر «[ليت]» (٤) ماضيا في قوله [تعالى] : (يا لَيْتَنِي مِتُّ قَبْلَ هذا) (مريم : ٢٣). وممّن نصّ على [منع] (٥) وقوع الماضي خبرا للعلّ الرّمانيّ (٦).
٦٩ ـ ليس
فعل معناه نفي مضمون الجملة في الحال ، إذا قلت : ليس (٧) زيد قائما ، نفيت قيامه في حالك هذه. وإن قلت : ليس زيد قائما غدا لم يستقم ، ولهذا لم يتصرف فيكون فيها مستقبلا. هذا قول الأكثرين ؛ وبعضهم يقول : إنها لنفي مضمون الجملة عموما. وقيل مطلقا [٣١٦ / أ] ؛ حالا كان أو غيره. وقواه ابن الحاجب.
وردّ الأول بقوله تعالى : (أَلا يَوْمَ يَأْتِيهِمْ لَيْسَ مَصْرُوفاً عَنْهُمْ) (هود : ٨) ؛ وهذا نفي لكون العذاب مصروفا عنهم يوم القيامة ، [فهو نفي] (٨) في المستقبل ؛ وعلى هذين القولين يصح
__________________
(١) تقدم التعريف به وبتفسيره في ١ / ١٢٧ وسيأتي تخريج قوله.
(٢) تصحفت في الأصول إلى (الواقدي) والتصويب من عبارة «فتح الباري» الآتية.
(٣) انظر «الصحيح» ٨ / ٤٩٦ كتاب التفسير (٦٥) ، سورة الشعراء (٢٦) ، حيث ذكره معلقا فقال (قال ابن عباس (لَعَلَّكُمْ تَخْلُدُونَ) كأنكم ، ثم قال ابن حجر في شرحه «فتح الباري» ٨ / ٤٩٧ (وحكى البغوي في «تفسيره» عن الواحدي قال ...) فساق عبارة «البرهان» ثم عقّب بقوله : (كذا قال وفي الحصر نظر لأنه قد قيل مثل ذلك في قوله : (فَلَعَلَّكَ باخِعٌ نَفْسَكَ).
(٤) عبارة المخطوطة (وقد وقع خبرها).
(٥) ليست في المخطوطة.
(٦) هو علي بن عيسى أبو الحسن تقدم التعريف به في ١ / ١١١ ، ثم في المخطوطة زيادة هذا نصها (وقال صاحب [كلمة مشكلة ولعلها : «الغرة»] أريد المضي إلى فلان لعله خلا بنفسه أو مضى إلى داره لعله سكنها).
(٧) في المخطوطة (لا زيد قائما).
(٨) ليست في المخطوطة.