وللتعليل ، نحو : (وَما كانَ اسْتِغْفارُ إِبْراهِيمَ لِأَبِيهِ إِلاَّ عَنْ مَوْعِدَةٍ) (التوبة : ١١٤). (وَما نَحْنُ بِتارِكِي آلِهَتِنا عَنْ قَوْلِكَ) (هود : ٥٣).
وبمعنى «بعد» ، نحو : (عَمَّا قَلِيلٍ لَيُصْبِحُنَّ نادِمِينَ) (المؤمنون : ٤٠). (يُحَرِّفُونَ الْكَلِمَ عَنْ مَواضِعِهِ) (المائدة : ١٣) ، بدليل أن في مكان آخر «من بعد مواضعه». (لَتَرْكَبُنَّ طَبَقاً عَنْ طَبَقٍ) (الانشقاق : ١٩).
وبمعنى «من» [نحو] (١) (وَهُوَ الَّذِي يَقْبَلُ التَّوْبَةَ عَنْ عِبادِهِ) (الشورى : ٢٥).
(أُولئِكَ الَّذِينَ نَتَقَبَّلُ عَنْهُمْ أَحْسَنَ ما عَمِلُوا) (الأحقاف : ١٦) ، بدليل : (فَتُقُبِّلَ مِنْ أَحَدِهِما وَلَمْ يُتَقَبَّلْ مِنَ الْآخَرِ) (المائدة : ٢٧).
وبمعنى «الباء» نحو : (وَما يَنْطِقُ عَنِ الْهَوى) (النجم : ٣). (١) [وقيل : على حقيقتها ، أي : وما يصدر قوله عن هوى. وقيل : للمجاوزة ؛ لأن نطقه متباعد عن الهوى] (١) ، ومتجاوز عنه.
وفيه نظر ، لأنها إذا كانت بمعنى الباء ، نفي عنه النطق في حال كونه متلبّسا بالهوى ، وهو صحيح ، وإذا كانت على بابها نفي عنه التعلق حال كونه مجاوزا عن الهوى ، فيلزم أن يكون النطق حال كونه متلبسا بالهوى. وهو فاسد.
٤٠ ـ عسى
للترجي في المحبوب ، والإشفاق في المكروه. وقد اجتمعا في قوله تعالى : (وَعَسى أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئاً وَهُوَ خَيْرٌ لَكُمْ وَعَسى أَنْ تُحِبُّوا شَيْئاً وَهُوَ شَرٌّ لَكُمْ) (البقرة : ٢١٦).
قال ابن فارس (٢) : «وتأتي للقرب والدنوّ ، كقوله تعالى : (قُلْ عَسى أَنْ يَكُونَ رَدِفَ لَكُمْ) (النمل : ٧٢) ، قال : وقال الكسائيّ : كل ما في القرآن من «عسى» على وجه الخبر
__________________
(١) ليست في المخطوطة.
(٢) هو أحمد بن فارس تقدم التعريف به في ١ / ١٩١ ، وانظر قوله في الصاحبي في فقه اللغة : ١٢٧ ـ ١٢٨.