وأجاب بأنه يمنع من ذلك استواء النفي والإثبات فيه (١) ، وذلك قوله : (فَلا أُقْسِمُ بِما تُبْصِرُونَ* وَما لا تُبْصِرُونَ* إِنَّهُ لَقَوْلُ رَسُولٍ كَرِيمٍ) (الحاقة : ٣٨ إلى ٤٠). انتهى.
وقد يقال : هب أنه لا يتأتّى في آية الواقعة (٢) ، فما المانع من تأتّيه في النساء؟ إلا أن يقال استقر بآية الواقعة أنها تزاد لتأكيد معنى القسم فقط ، ولم يثبت زيادتها متظاهرة [لها] (٣) في الجواب.
السابعة : تكون اسما في قول الكوفيين ، أطلق بعضهم نقله عنهم وقيل : إن ما قالوه ، إذا دخلت على نكرة ، وكان حرف الجرّ داخلا عليها ، نحو غضبت من لا شيء ، وجئت بلا مال ، وجعلوها بمنزلة [«غير»] (٣) وكلام ابن الحاجب يقتضي أنه أعمّ من ذلك ، فإنه قال : جعلوا «لا» بمعنى «غير» لأنه يتعذر فيها الإعراب ، فوجب أن يكون إعرابها على ما هو من تتمتها ، وهو ما بعدها ، كقولك : جاءني رجل لا عالم ولا عاقل.
ومنه قوله تعالى : (لا فارِضٌ وَلا بِكْرٌ) (البقرة : ٦٨) ، (وَظِلٍّ مِنْ يَحْمُومٍ* لا بارِدٍ وَلا كَرِيمٍ) (الواقعة : ٤٣ ـ ٤٤) ، وقوله : (لا مَقْطُوعَةٍ وَلا مَمْنُوعَةٍ) (الواقعة : ٣٣).
٥٨ ـ لات
قال سيبويه (٤) : «لات» مشبهة ب «ليس» في بعض المواضع ، ولم تتمكّن تمكّنها ، ولم يستعملوها إلا مضمرا فيها ؛ لأنها [ليست] (٥) ك «ليس» في المخاطبة ، والإخبار عن غائب ، ألا ترى أنك تقول : لست ، وليسوا ، وعبد الله ليس ذاهبا ، فتبني على [المبتدإ وتضمر فيه] (٥) ، ولا يكون هذا في «لات» (٦) ، قال تعالى : (وَلاتَ حِينَ مَناصٍ) (ص : ٣) ، أي ليس حين مهرب وكان بعضهم يرفع «حين» لأنها عنده بمنزلة «ليس» والنصب بها الوجه.
__________________
(١) في المخطوطة (في الجواب).
(٢) هنا في عبارة المخطوطة تقديم للجملة التي ستأتي في المطبوعة وهي (أنها تزاد لتأكيد معنى القسم فقط).
(٣) ليست في المخطوطة.
(٤) انظر قوله في «الكتاب» ١ / ٥٧ باب ما أجري مجرى ليس ... ، نقله الزركشي مختصرا ، وقد تصحفت بعض العبارات وتصويبها من عبارة «الكتاب».
(٥) زيادة من عبارة سيبويه في «الكتاب» لصحة النص.
(٦) تصحفت العبارة في المطبوعة والمخطوطة إلى (ولات فيها ذلك) والتصويب من عبارة «الكتاب».