ـ (السابع) : ذكره الفارسي ، بمعنى «ألقى» فيتعدى لمفعولين : أحدهما بنفسه والآخر بحرف الجرّ ، كما في قولك : جعلت متاعك بعضه فوق بعض. [ومثله قوله : (وَجَعَلَ فِيها رَواسِيَ)] (١) (الرعد : ٣). ومنه قوله تعالى : (وَيَجْعَلَ الْخَبِيثَ بَعْضَهُ عَلى بَعْضٍ) (الأنفال : ٣٧) [أي يلقي] (٢) و «بعضه» بدل من الخبيث. وقوله : «على بعض» أي فوق بعض. ومثله قوله : (وَجَعَلَ فِيها رَواسِيَ) (الرعد : ٣) ، أي ألقى ، بدليل قوله في الآية الأخرى التي علّل فيها المراد بخلق الجبال ، وأبان إنعامه ، فقال : (وَأَلْقى فِي الْأَرْضِ رَواسِيَ أَنْ تَمِيدَ بِكُمْ) (النحل : ١٥).
(فائدة) قوله تعالى : (وَجَعَلْنَا اللَّيْلَ وَالنَّهارَ آيَتَيْنِ) (الإسراء : ١٢) ، (قيل) : كيف يستعمل لفظ «الجعل» هنا مع أن المجعول عنه ينتفي (٣) أن يتحقّق قبل «الجعل» مع ضده (٤) المجعول ، كقولك : «جعلت زيدا قائما» ، فهو قبل ذلك كان متّصفا بضد القيام ، وهنا لم يوجد «الجعل» إلا على هذه الصفة ، فكيف يصحّ استعمال «الجعل» فيه؟
(والجواب) أنّ الليل جوهر قام به السواد ، والنهار جوهر قام به النور ، وكذلك الشمس جسم قام به ضوء ، والأجسام والجواهر متقدمة على الأعراض بالذات ، والعرب تراعي مثل هذا ، نقل الفرّاء أنهم قالوا : أحسنت إليك فكسوتك ؛ فجعلوا الإحسان متقدما على الكسوة ؛ بدليل العطف بالفاء ، وليس ذلك إلا تقدّم ذاتيّ ، لأن الإحسان في الخارج هو نفس الكسوة.
ولك أن تقول : لا نسلّم أن الإحسان نفس الكسوة ؛ بل معنى يقوم بالنفس تنشأ عنه الكسوة.
حسب
يتعدّى لمفعولين. وحيث جاء بعدها أن والفعل ، كقوله تعالى : (أَمْ حَسِبْتُمْ أَنْ تَدْخُلُوا الْجَنَّةَ) (آل عمران : ١٤٢) ، (أَمْ حَسِبْتُمْ أَنْ تُتْرَكُوا) (التوبة : ١٦) ونظائره ، فمذهب
__________________
(١) ليست في المخطوطة.
(٢) ليست في المطبوعة.
(٣) في المطبوعة (ينبغي).
(٤) في المطبوعة (صفة).