٤ / ١١٤ وإنما حسن ذلك للاستغناء عن حرف العطف ؛ من حيث إنّ المتقدّم من القولين يستدعي التأخّر منهما ؛ فلهذا كان الكلام مبنيا على الانفصال ، وكان كلّ واحد من هذه الأقوال مستأنفا ظاهرا ؛ وإن كان الذهن يلائم بينهما.
[القاعدة] (١) السادسة
العطف على المضمر ؛ إن كان منفصلا مرفوعا ؛ فلا يجوز من غير فاصل تأكيد أو غيره ؛ كقوله تعالى : (إِنَّهُ يَراكُمْ هُوَ وَقَبِيلُهُ) (الأعراف : ٢٧). (فَاذْهَبْ أَنْتَ وَرَبُّكَ [فَقاتِلا]) (١) (المائدة : ٢٤). (اسْكُنْ أَنْتَ وَزَوْجُكَ الْجَنَّةَ) (البقرة : ٣٥) و (الأعراف : ١٩) عند الجمهور ؛ خلافا لابن مالك في جعله من عطف الجمل ، بتقدير : «ولتسكن زوجك». وقوله : ([وَعُلِّمْتُمْ] (١) ما لَمْ تَعْلَمُوا أَنْتُمْ وَلا آباؤُكُمْ) (الأنعام : ٩١). (يَدْخُلُونَها وَمَنْ صَلَحَ) (الرعد : ٢٣). ([فَقُلْ] (١) أَسْلَمْتُ وَجْهِيَ لِلَّهِ وَمَنِ اتَّبَعَنِ) (آل عمران : ٢٠).
وجعل الزمخشري (٢) منه : (أَإِنَّا لَمَبْعُوثُونَ* أَوَآباؤُنَا) (الصافات : ١٦ ـ ١٧) فيمن قرأ بفتح الواو ؛ وجعل الفصل بالهمزة (٣). وردّ بأن الاستفهام لا يدخل على المفردات.
وجعل الفارسيّ منه (ما أَشْرَكْنا وَلا آباؤُنا) (الأنعام : ١٤٨) ، وأعرب ابن الدّهّان (٤) (وَلا آباؤُنا) مبتدأ خبره (أَشْرَكُوا) مقدرا.
وأجاز الكوفيون العطف من غير فاصل ، كقوله تعالى : (وَالَّذِينَ هادُوا وَالصَّابِئُونَ) (المائدة : ٦٩).
فأما قوله تعالى : (فَاسْتَوى * وَهُوَ بِالْأُفُقِ الْأَعْلى) (النجم : ٦ ـ ٧) ، فقال الفارسيّ : (وَهُوَ) مبتدأ ، وليس معطوفا (٥) على ضمير (فَاسْتَوى) (٦) ، وإن كان مجرورا
__________________
(١) ليست في المخطوطة.
(٢) انظر «الكشاف» ٣ / ٢٩٨ عند تفسير الآية من سورة الصافات.
(٣) قال ابن الجزري في «النشر» ٢ / ٣٥٧ عند سورة الصافات (واختلفوا في (أَوَآباؤُنَا) هنا وفي الواقعة فقرأ أبو جعفر وابن عامر وقالون بإسكان الواو فيهما ... ، وروى الأزرق عن ورش فتح الواو وكذلك قرأ الباقون في الموضعين).
(٤) هو سعيد بن المبارك تقدم التعريف به في ٢ / ٤٩٢.
(٥) في المخطوطة (بمعطوف).
(٦) في المخطوطة زيادة (وَهُوَ بِالْأُفُقِ الْأَعْلى).