وهذه القاعدة فيما إذا لم يقصد التكرير ، وهذه الآية من قصد التكرير. ويدلّ عليه تكرير ذكر الربّ فيما قبله من قوله : (سُبْحانَ (١) رَبِّ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ رَبِّ الْعَرْشِ) (الزخرف : ٨٢).
وأجاب غيره بأنّ «إله» بمعنى معبود ، والاسم المشتق إنما يقصد به ما تضمّنه من الصفة ، فأنت إذا قلت : زيد ضارب عمرو ، ضارب بكر ، لا يتخيّل أن الثّاني هو الأول ، وإن أخبر بهما عن ذات واحدة ؛ فإن المذكور حقيقة إنما هو المضروبان لا الضاربان ، ولا شكّ أن الضميرين مختلفان.
ومنها قوله تعالى : (يَسْئَلُونَكَ عَنِ الشَّهْرِ الْحَرامِ قِتالٍ فِيهِ قُلْ قِتالٌ فِيهِ كَبِيرٌ) (البقرة : ٢١٧) ، الثاني هو الأول. وأجيب بأنّ أحدهما محكيّ من كلام السائل ، والثاني من كلام النبيّ صلىاللهعليهوسلم ؛ وإنّما الكلام في وقوعهما من متكلّم واحد. ومنها قوله تعالى : (فَباؤُ بِغَضَبٍ عَلى غَضَبٍ) (البقرة : ٩٠). ومنها : (أَلَمْ يَأْتِكُمْ نَذِيرٌ* [قالُوا بَلى قَدْ جاءَنا نَذِيرٌ]) (٢) (الملك : ٨ ـ ٩). ومنها : (وَقالُوا لَوْ لا نُزِّلَ [عَلَيْهِ] (٢) آيَةٌ مِنْ رَبِّهِ قُلْ إِنَّ اللهَ قادِرٌ عَلى أَنْ يُنَزِّلَ آيَةً ...) (الأنعام : ٣٧).
ـ (الثالث) : أن يكون الأول نكرة والثاني معرفة ، فهو كالقسم الأول ، يكون الثاني فيه هو الأول ، كقوله [تعالى] : (كَما أَرْسَلْنا إِلى فِرْعَوْنَ رَسُولاً* فَعَصى فِرْعَوْنُ الرَّسُولَ) (المزمل : ١٥ ـ ١٦). وقوله : (فِيها مِصْباحٌ الْمِصْباحُ فِي زُجاجَةٍ الزُّجاجَةُ كَأَنَّها كَوْكَبٌ دُرِّيٌ) (النور : ٣٥). وقوله : (وَلَمَنِ انْتَصَرَ (٣) بَعْدَ ظُلْمِهِ فَأُولئِكَ ما عَلَيْهِمْ مِنْ سَبِيلٍ* إِنَّمَا السَّبِيلُ) (الشورى : ٤١ ـ ٤٢). وقوله : (وَإِنَّكَ لَتَهْدِي إِلى صِراطٍ مُسْتَقِيمٍ* صِراطِ اللهِ) (الشورى : ٥٢ ـ ٥٣). وهذا منتقض بقوله : (لا يَمْلِكُونَ لَكُمْ رِزْقاً فَابْتَغُوا عِنْدَ اللهِ الرِّزْقَ) [أي لا يملكون شيئا من الرزق ، فابتغوا عند الله كل رزق] (٤) (العنكبوت : ١٧).
وقوله : (فَلا جُناحَ عَلَيْهِما أَنْ يُصْلِحا بَيْنَهُما صُلْحاً وَالصُّلْحُ خَيْرٌ) (النساء : ١٢٨) ،
__________________
(١) في المخطوطة (سبحانه رب السموات والأرض رب العالمين) والصواب الموافق للمصحف ما في المطبوعة.
(٢) ليست في المخطوطة.
(٣) في المخطوطة (ولمن انتصر من بعد) والصواب الموافق للمصحف ما في المطبوعة.
(٤) ليست في المخطوطة.