جواب : (أَأَنْتَ فَعَلْتَ هذا بِآلِهَتِنا) [٢٥٨ / أ] (يا إِبْراهِيمُ* قالَ بَلْ فَعَلَهُ كَبِيرُهُمْ هذا) (الأنبياء : ٦٢ ـ ٦٣) ؛ فإنّ السؤال وقع عن الفاعل ؛ لا عن الفعل ، ومع ذلك صدر الجواب بالفعل ، مع أنهم لم يستفهموا عن كسر الأصنام ، بل كان عن الشخص الكاسر لها. ٤ / ٥٠
والجواب أنّ ما بعد «بل» ليس بجواب للهمزة ، فإن «بل» لا تصلح (١) أن يصدّر بها الكلام ، ولأنّ جواب الهمزة بنعم أو بلا (٢). فالوجه أن يجعل إخبارا مستأنفا ، والجواب المحقق مقدّر ، دل عليه سياق الكلام ، ولو صرح به لقال : «ما فعلته بل فعله كبيرهم» ، وإنما اخترنا تقدير الجملة الفعلية على الجملة المعطوفة عليها في ذلك.
فإن قلت : يلزم على ما ذكرت أن يكون الخلف واقعا في الجملتين : المعطوف عليها المقدرة ، والمعطوفة الملفوظ بها [بعد «بل»] (٣).
قلت : وإنه لازم ، على أن يكون التقدير : ما أنا فعلته بل فعله كبيرهم هذا ، مع زيادته بالخلف عما أفادته الجملة الأولى من التعريض ، إذ منطوقها نفي الفعل عن إبراهيم عليهالسلام ، ومفهومها إثبات حصول التكسير من غيره.
فإن قلت : ولا بد من ذكر ما يكون مخلصا عن الخلف على كلّ حال. فالجواب من وجوه :
ـ (أحدها) : أن في التعريض مخلصا عن الكذب ، ولم يكن قصده عليهالسلام أن ينسب الفعل الصادر منه إلى الصنم حقيقة ، بل قصده إثبات الفعل لنفسه على طريق التعريض ، ليحصل غرضه من التبكيت ، وهو في ذلك مثبت معترف لنفسه بالفعل ؛ وليس هذا من الكذب في شيء.
٤ ـ / ٥١ (والثاني) : إنه غضب من تلك الأصنام ، غيرة لله تعالى ؛ ولما كانوا لأكبرها أشدّ تعظيما ، كان منه أشدّ [غضبا] (٤) ، فحمله ذلك على تكسيرها ، و [كان] (٥) ذلك كلّه حاملا للقوم على الأنفة أن يعبدوه ، فضلا عن أن يخصّوه بزيادة التعظيم ، ومنبّها لهم على أن المتكسرة متمكن فيها الضّعف والعجز ، منادى عليها بالفناء ، منسلخة عن ربقة الدفع ، فضلا عن إيصال
__________________
(١) في المخطوطة (لا تصلح إلا أن يصدر).
(٢) تصحفت في المطبوعة إلى (بلى).
(٣) ليست في المخطوطة.
(٤) ليست في المخطوطة.
(٥) ليست في المطبوعة.