وردّه ابن عصفور (١) بقوله : (وَتِلْكَ الْقُرى أَهْلَكْناهُمْ لَمَّا ظَلَمُوا) (الكهف : ٥٩) قال : لأن الهلاك لم يقع حين ظلموا ؛ بل كان بين الظلم والهلاك (٢) إرسال الرسل وإنذارهم إياهم ؛ وبعد ذلك [وقع] (٣) الإهلاك فليست بمعنى «حين» ؛ وهذا الردّ لا يحسن إلاّ إذا قدرنا الإهلاك أول ما ابتدأ الظلم ؛ وليس كذلك ، بل قوله : (ظَلَمُوا) في معنى «استداموا الظلم» [أي] (٣) وقع الإهلاك لهم [في] (٤) حين ظلمهم أي في حين استدامتهم الظلم ، وهم متلبّسون به.
ومن أمثلتها قوله تعالى : (فَلَمَّا نَجَّاكُمْ إِلَى الْبَرِّ أَعْرَضْتُمْ) (الإسراء : ٦٧). وقوله : (وَلَمَّا وَرَدَ ماءَ مَدْيَنَ) (القصص : ٢٣). (وَلَمَّا جاءَتْ رُسُلُنا لُوطاً) (هود : ٧٧).
(إِلاَّ قَوْمَ يُونُسَ لَمَّا آمَنُوا) (يونس : ٩٨). (لَمَّا رَأَوْا بَأْسَنا) (٥) (غافر : ٨٥).
وأما جوابها فقد يجيء ظاهرا كما ذكرنا ، وقد يكون جملة اسمية مقرونة [بالفاء ؛ نحو : (فَلَمَّا نَجَّاهُمْ إِلَى الْبَرِّ فَمِنْهُمْ مُقْتَصِدٌ) (لقمان : ٣٢).
أو مقرونة] (٦) بما النافية ، كقوله : (فَلَمَّا جاءَهُمْ نَذِيرٌ ما زادَهُمْ) (فاطر : ٤٢).
أو بإذا المفاجئة ، نحو : (فَلَمَّا أَحَسُّوا بَأْسَنا إِذا هُمْ مِنْها يَرْكُضُونَ) (الأنبياء : ١٢).
(وَلَمَّا ضُرِبَ ابْنُ مَرْيَمَ مَثَلاً إِذا قَوْمُكَ مِنْهُ يَصِدُّونَ) (الزخرف : ٥٧). (فَلَمَّا نَجَّاهُمْ إِلَى الْبَرِّ إِذا هُمْ يُشْرِكُونَ) (العنكبوت : ٦٥). (فَلَمَّا كَشَفْنا عَنْهُمُ الْعَذابَ إِذا هُمْ يَنْكُثُونَ) (الزخرف : ٥٠).
وبهذا ردّ على من زعم أنها ظرف بمعنى «حين» فإن «ما» النافية «وإذا» الفجائية لا يعمل ما بعدهما فيما قبلهما ؛ فانتفى أن يكون ظرفا.
وقد يكون مضارعا ، كقوله [تعالى] : (فَلَمَّا ذَهَبَ عَنْ إِبْراهِيمَ الرَّوْعُ وَجاءَتْهُ الْبُشْرى يُجادِلُنا) (هود : ٧٤) وهو بمعنى الماضي ، أي جادلنا.
__________________
(١) هو علي بن مؤمن تقدم التعريف به في ١ / ٤٦٦.
(٢) في المخطوطة (الإهلاك).
(٣) ليست في المخطوطة.
(٤) ليست في المطبوعة.
(٥) الآية في المطبوعة (فَلَمَّا أَحَسُّوا بَأْسَنا) وستأتي للاستشهاد قريبا ، ثم في المخطوطة تكرار للآية السابقة (وَلَمَّا جاءَتْ رُسُلُنا).
(٦) ليست في المخطوطة.