لفظا ، نحو : (وَكُلُّهُمْ آتِيهِ يَوْمَ الْقِيامَةِ فَرْداً) (مريم : ٩٥) ، فراعى لفظ «كلّ». ومنه قوله عليه الصلاة والسلام : «كلّكم راع ، وكلكم مسئول عن رعيته» (١) ولم يقل : راعون ولا مسئولون.
أو معنى ؛ نحو : (فَكُلًّا أَخَذْنا بِذَنْبِهِ) (العنكبوت : ٤٠) ، فراعى لفظها ، وقال : (وَكُلٌّ أَتَوْهُ داخِرِينَ) (النمل : ٨٧) ، فراعى المعنى.
وقد اجتمع مراعاة اللفظ والمعنى في قوله تعالى : (إِنْ كُلُّ مَنْ فِي السَّماواتِ وَالْأَرْضِ إِلاَّ آتِي الرَّحْمنِ عَبْداً* لَقَدْ أَحْصاهُمْ وَعَدَّهُمْ عَدًّا* وَكُلُّهُمْ آتِيهِ يَوْمَ الْقِيامَةِ فَرْداً) (مريم : ٩٣ إلى ٩٥) هذا إذا جعلنا «من» موصولة [وهو الظاهر] (٢) ، فإن جعلناها نكرة موصوفة ، خرجت من هذا القسم إلى الأول.
(الثالث) : أن تقطع (٣) عن الإضافة لفظا ، فيجوز مراعاة لفظها ومراعاة معناها [أيضا] (٢).
فمن الأول : (كُلٌّ آمَنَ بِاللهِ) (البقرة : ٢٨٥) ، (قُلْ كُلٌّ يَعْمَلُ عَلى شاكِلَتِهِ) (الإسراء : ٨٤) ، (إِنْ كُلٌّ إِلاَّ كَذَّبَ الرُّسُلَ) (ص : ١٤) ، ولم يقل : «كذبوا» ، (فَكُلًّا أَخَذْنا بِذَنْبِهِ) (العنكبوت : ٤٠).
ومن الثاني : (وَكُلٌّ كانُوا ظالِمِينَ) (الأنفال : ٥٤) ، (كُلٌّ فِي فَلَكٍ يَسْبَحُونَ) (الأنبياء : ٣٣) ، (كُلٌّ لَهُ قانِتُونَ) (الروم : ٢٦) ، (وَكُلٌّ أَتَوْهُ داخِرِينَ) (النمل : ٨٧).
قال أبو الفتح (٤) : وعلّته أنّ أحد الجمعين عندهم كاف (٥) عن صاحبه ؛ فإن لفظ «كلّ» للأفراد ومعناها الجمع ، وهذا يدل على أنهم قدّروا المضاف إليه المحذوف في الموضعين
__________________
(١) الحديث متفق عليه من رواية عبد الله بن عمر رضياللهعنهما وأوله «ألا كلكم راع ...» أخرجه البخاري في الصحيح ١٣ / ١١١ ، كتاب الأحكام (٩٣) ، باب قول الله تعالى : (أَطِيعُوا اللهَ ...) (النساء : ٥٩) (١) ، الحديث (٧١٣٨) ، وأخرجه مسلم في الصحيح ٣ / ١٤٥٩ ، كتاب الإمارة (٣٣) ، باب فضيلة الإمام ... (٥) ، الحديث (٢٠ / ١٨٢٩).
(٢) ساقطة من المطبوعة.
(٣) في المخطوطة (يقع).
(٤) انظر الخصائص ٣ / ٣٣٤ وما بعدها (باب في المستحيل ...).
(٥) في المطبوعة (كان).