قلنا : نص الفارسيّ في «الإيضاح» على
أن «ثمّ» أشد تراخيا من «الفاء» ، فدلّ على أنّ الفاء لها تراخ ، وكذا ذكر غيره من
المتقدمين ، ولم يدّع أنّها للتعقيب إلا المتأخرون. انتهى.
وتجيء لتفاوت ما
بين رتبتين ؛ كقوله [تعالى] : (وَالصَّافَّاتِ
صَفًّا* فَالزَّاجِراتِ زَجْراً* فَالتَّالِياتِ ذِكْراً) (الصافات : ١ إلى ٣) تحتمل الفاء فيه تفاوت رتبة الصفّ من
الزجر ورتبة الزجر من التلاوة ، ويحتمل تفاوت رتبة الجنس الصافّ من رتبة الجنس
الزاجر ؛ بالنسبة إلى صفهم وزجرهم ، ورتبة الجنس الزاجر من [الجنس] التالي بالنسبة إلى زجره وتلاوته.
وقال الزمخشري : للفاء مع الصفات ثلاثة أحوال :
أحدها : أنها تدل على ترتيب معانيها في الوجود ، كقوله :
يا لهف زيّابة
للحارث فال
|
|
صابح فالغانم
فالآئب
|
أي الذي أصبح فغنم
فآب.
الثاني : [أن] تدل على ترتيبها في التفاوت من بعض الوجوه ؛ نحو قولك : خذ
الأكمل فالأفضل ، واعمل الأحسن فالأجمل.
الثالث : أنها تدلّ على ترتيب موصوفاتها ؛ فإنها في ذلك ، نحو «رحم
الله المحلّقين فالمقصرين» .
(النوع الثاني): لمجرد السببية والربط ، [نحو] : (إِنَّا أَعْطَيْناكَ الْكَوْثَرَ*
فَصَلِ) (الكوثر : ١ ـ ٢)
، ولا يجوز أن تكون عاطفة ؛ فإنه لا يعطف الخبر على الإنشاء ، وعكسه عكسها بمجرد
العطف فيما سبق ، من نحو : (فَجَعَلَهُ غُثاءً
أَحْوى) (الأعلى : ٥).
__________________