قلنا : نص الفارسيّ (١) في «الإيضاح» على أن «ثمّ» أشد تراخيا من «الفاء» ، فدلّ على أنّ الفاء لها تراخ ، وكذا ذكر غيره من المتقدمين ، ولم يدّع أنّها للتعقيب إلا المتأخرون. انتهى.
وتجيء لتفاوت ما بين رتبتين ؛ كقوله [تعالى] : (وَالصَّافَّاتِ صَفًّا* فَالزَّاجِراتِ زَجْراً* فَالتَّالِياتِ ذِكْراً) (الصافات : ١ إلى ٣) تحتمل الفاء فيه تفاوت رتبة الصفّ من الزجر ورتبة الزجر من التلاوة ، ويحتمل تفاوت رتبة الجنس الصافّ من رتبة الجنس الزاجر ؛ بالنسبة إلى صفهم وزجرهم ، ورتبة الجنس الزاجر من [الجنس] (٢) التالي بالنسبة إلى زجره وتلاوته.
وقال الزمخشري (٣) : للفاء مع الصفات ثلاثة أحوال :
أحدها : أنها تدل على ترتيب معانيها في الوجود ، كقوله :
يا لهف زيّابة للحارث (٤) فال |
|
صابح فالغانم فالآئب (٥) |
أي الذي أصبح فغنم فآب.
الثاني : [أن] (٦) تدل على ترتيبها في التفاوت من بعض الوجوه ؛ نحو قولك : خذ الأكمل فالأفضل ، واعمل الأحسن فالأجمل.
الثالث : أنها تدلّ على ترتيب موصوفاتها ؛ فإنها في ذلك ، نحو «رحم الله المحلّقين فالمقصرين» (٧).
(النوع الثاني): لمجرد السببية والربط ، [نحو] (٦) : (إِنَّا أَعْطَيْناكَ الْكَوْثَرَ* فَصَلِ) (الكوثر : ١ ـ ٢) ، ولا يجوز أن تكون عاطفة ؛ فإنه لا يعطف الخبر على الإنشاء ، وعكسه عكسها بمجرد العطف فيما سبق ، من نحو : (فَجَعَلَهُ غُثاءً أَحْوى) (الأعلى : ٥).
__________________
(١) هو الحسن بن أحمد بن عبد الغفار تقدم التعريف به في ١ / ٣٧٥. وبكتابه في ١ / ٥٠٤.
(٢) ساقطة من المخطوطة.
(٣) ذكر قوله ابن هشام في المغني ١ / ١٦٣ (الفاء).
(٤) في المخطوطة (في الحارث).
(٥) البيت لابن زيّابة ، عمرو بن الحارث بن همام ذكره المرزباني في معجم الشعراء : ٢٠٨ ، وقد شرحه ابن هشام في المغني ١ / ١٦٣ فقال : «البيت لابن زيابة يقول : يا لهف أبي على الحارث إذ صبح قومي بالغارة فغنم فآب سليما أن لا أكون لقيته فقتلته ، وذلك أنه يريد يا لهف نفسي».
(٦) ساقطة من المخطوطة.
(٧) متفق عليه من رواية عبد الله بن عمر رضياللهعنهما ، أخرجه البخاري في الصحيح ٣ / ٥٦١ كتاب الحج (٢٥) ، باب الحلق والتقصير ... (١٢٧) ، الحديث (١٧٢٧) ، وأخرجه مسلم في الصحيح ٢ / ٩٤٥ كتاب