والمراد بالمؤتمر الممتثل». ويقال : علّمته فلم يتعلم ؛ لأنّ التعليم فعل صالح لأن يترتّب عليه حصول العلم لإيجاده (١). كذا قاله الإمام فخر الدين ، ومنعه بعضهم.
وقال الشيخ علاء الدين الباجي (٢) : لو لم يصحّ : علّمته فما تعلم ، لما صحّ علّمته فعلم ؛ لأنّه إذا كان التعليم يقتضي إيجاد العلم ، وهو علّة فيه ، فمعلوله ـ وهو التعلّم ـ يوجد معه ؛ بناء على أنّ العلّة مع المعلول ، والفاء في قولنا : «فتعلّم» تقتضي تعقب العلم. وإن قلنا : المعلول يتأخّر ، فلا فائدة في «فتعلّم» لأن التعلّم قد فهم من «علّمته» ، فوضح أنه لو صحّ (٣) «علّمته فما تعلّم» لكان إمّا ألاّ يصحّ علّمته فتعلّم ، بناء على أنّ العلّة مع المعلول ، أو لا يكون في قولنا : «فتعلّم» فائدة بتأخّر المعلول.
(فإن قيل) : قد منعوا «كسرته فما انكسر» فما وجه صحة قولهم : «علّمته فما تعلّم»؟ (قيل) ؛ فرّق بعضهم بينهما ؛ بأن العلم في القلب من الله يتوقّف على أمر من المعلّم ومن المتعلّم ، وكان علمه موضوعا للجزاء الذي من المعلّم فقط ، لعدم إمكان فعل من المخلوق يحصل به العلم ، ولا بدّ بخلاف الكسر ، فإنّ أثره لا واسطة بينه وبين الانكسار.
واعلم أن الأصل [٢٧٤ / ب] في فعل المطاوعة أن يعطف عليه بالفاء ، تقول دعوته فأجاب ، وأعطيته فأخذ ، ولا تقولها بالواو ؛ لأن المراد إفادة السببية ، وهو لا يكون في الغالب إلا بالفاء ، كقوله : (مَنْ يَهْدِ اللهُ فَهُوَ الْمُهْتَدِي) (الأعراف : ١٧٨).
ويجوز عطفه بالواو ، كقوله : (وَلا تُطِعْ مَنْ أَغْفَلْنا قَلْبَهُ عَنْ ذِكْرِنا وَاتَّبَعَ هَواهُ) (الكهف : ٢٨) وكقوله : (فَاسْتَجَبْنا لَهُ وَنَجَّيْناهُ) (الأنبياء : ٨٨)
__________________
نصّه : (قرأ على الزمخشري والموفق)! وهذا وهم صوابه : (قرأ على تلميذ الزمخشري وهو الموفق) لأن وفاة الزمخشري سنة (٥٣٨) وهي سنة ولادة المطرّزي ، فلا يعقل أن يقرأ عليه ، وقول المطرّزي في «المغرب» (وعليه قول شيخنا في «الأساس») تساهل لأنه شيخ شيخه ، لا على الحقيقة والله أعلم بالصواب.
(١) عبارة المخطوطة (لأنه ترتب عليه حصول العلم لا اتخاذه).
(٢) هو علي بن محمد بن عبد الرحمن بن خطاب المغربي ثم المصري الباجي الشافعي ، أبو الحسن علاء الدين ولد سنة (٦٣١ ه) فقيه أصولي ، تفقه بالشام ثم دخل القاهرة واستوطنها وناب في الحكم وأخذ عنه تقي الدين السبكي ، من مصنفاته «مختصر المحصول» للرازي ، «مختصر المحرر» للرافعي (ابن حجر ، الدرر الكامنة ٣ / ١٠١).
(٣) تصحفت العبارة في المخطوطة إلى (لو لم يوضح).