انتقاصا لها لأنها أهل للانتقاص ، وتحقيرا لها ، وسيكون طول السلسلة المحماة بالنار التي تلف عنقها وتغل يديها سبعين ذراعا ، وقد سمّيت هذه السلسلة (مسدا) لأنها تكون ممسودة في عنقها ، أي مفتولة فتلا جيدا. وقيل إنه سبحانه ذكر هذه الخصوصية من ألوان عذابها ـ قبّح الله وجهها ـ لأنها كانت لها في جيدها قلادة من الجوهر الثمين وأنها قالت : لأنفقنّ هذه القلادة في عداوة محمد ، فجعل الله تعالى ثمن قولها عذابا لها في نار جهنم بهذا الشكل. ولمّا نزلت هذه السورة المباركة التي أخزتها وأخزت زوجها إلى أبد الآبدين خرجت تولول وتصرخ بجنون وبيدها حجر ملء كفّها تريد أن ترمي به محمدا (ص) وكانت تقول : مذمّما أبينا ، ودينه قلينا ، وأمره عصينا ، واتّجهت نحو المسجد لترشقه (ص) بالحجر فردها أبو بكر فقال : يا رسول الله قد أقبلت وأنا أخاف أن تراك. فقال (ص): إنها لن تراني ، ثم قرأ قرآنا فاعتصم به وكان بينه وبينها ستر مصداقا لقوله تبارك وتعالى : (وَإِذا قَرَأْتَ الْقُرْآنَ جَعَلْنا بَيْنَكَ وَبَيْنَ الَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ بِالْآخِرَةِ حِجاباً مَسْتُوراً) ، فشاهدت أبا بكر ولم تر النبيّ (ص) فقالت : يا أبا بكر أخبرت أن صاحبك هجاني ، فقال : لا وربّ البيت ما هجاك ، فرجعت وهي تقول : قريش تعلم أني بنت سيّدها ، وقد قال رسول الله صلىاللهعليهوآله : صرف الله سبحانه عنّي ، إنهم يذمّون مذمما وأنا محمّد.
وقيل في سبب افتتاح هذه السورة المباركة بتباب يدي أبي لهب ـ كما عن ابن عباس ـ أن رسول الله صلىاللهعليهوآله صعد يوما على الصّفا وقال : يا صباحاه! فأقبلت قريش إليه وقالوا : مالك؟ فقال : أرأيتم لو أخبرتكم أن العدوّ مصبحكم أو ممسيكم أما كنتم تصدّقوني؟ قالوا : بلى ، قال : فإني نذير لكم بين يدي عذاب شديد. فقال أبو لهب : تبّا لك ، لهذا دعوتنا جميعا؟ فأنزل الله تعالى هذه السورة مفتتحة ب : تبّت يدا أبي لهب.
* * *