الحرام ، والذين كان معهم فيل اسمه محمود؟ وكان النبيّ صلىاللهعليهوآله لم ير هذه الحادثة السماوية التاريخية العجيبة ، لأنه (ص) قد ولد في ذلك العام ـ عام الفيل (أَلَمْ يَجْعَلْ كَيْدَهُمْ فِي تَضْلِيلٍ) يعني ألم يجعل ربّك يا محمد مكرهم وكيدهم في تخريب البيت وقتل أهله ، واستباحة الحرام بكامله في ضياع عمّا قصدوا إليه ، وقد ضلّ سعيهم ولم ينالوا ما أرادوه في مكرهم (وَأَرْسَلَ) بعث الله ـ ربّك (عَلَيْهِمْ) على أصحاب الفيل (طَيْراً أَبابِيلَ) أي رفوفا وأسرابا يتبع بعضها بعضا ، قيل إنها كانت لها خراطيم كخراطيم الطير وأكف كأكف الكلاب (تَرْمِيهِمْ بِحِجارَةٍ مِنْ سِجِّيلٍ) يعني تقذفهم بها ـ وقد فسّرنا السجّيل في سورة هود ولا نكرّر ذلك ... (فَجَعَلَهُمْ كَعَصْفٍ مَأْكُولٍ) أي تركتهم كالزرع اليابس وتبنه الذي أكلته الدواب وراثته ثم ديس وتفرّق ، وتناثرت الأجزاء الباقية من قشّه وحصيده مختلطا هذا بذاك. وقد حصلت هذه الآية في ذلك العام بالذات إيذانا بمولد نبيّنا محمد صلىاللهعليهوآله فيه. وهي معجزة سماويّة ليس لأحد أن ينكرها لأن أهل مكة رأوها بأعينهم ولذلك لم ينكروها عند ما قرأ النبيّ صلىاللهعليهوآله هذه السورة المباركة مع شدة تكذيبهم لنبوّته ، وذلك أنهم لا يزالون قريبي العهد بآية أصحاب الفيل.
* * *