بحسب المعنى ، غاية الأمر أن إحدى القراءتين في بعض المعاني أكثر استعمالا من الأخرى وهذا لا يوجب الفرق بينهما. وأمّا المعاني المشتركة بينهما فهي التعجّب والنّدامة والتنعّم والتلذّذ وما هو قريب منها ونعم ما قال في نظير هذه المعاني الشاعر الذي تمثّلنا بشعره قريبا ، وقال :
عباراتنا شتّى وحسنك واحد |
|
وكلّ إلى ذاك الجمال تشير |
(وَوَقاهُمْ رَبُّهُمْ عَذابَ الْجَحِيمِ) الجحيم المكان الشديد الحرارة أي جنّبهم عن هذا العذاب الشّديد ، ويقال لهم : (كُلُوا وَاشْرَبُوا هَنِيئاً بِما كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ) أي كلوا طيّبا لكم بما عملتم من الحسنات وتراهم يوم القيامة (مُتَّكِئِينَ عَلى سُرُرٍ مَصْفُوفَةٍ) أي مصطّفة موصول بعضها ببعض (وَزَوَّجْناهُمْ بِحُورٍ عِينٍ) مرّ تفسيره.
٢١ إلى ٢٣ ـ (وَالَّذِينَ آمَنُوا وَاتَّبَعَتْهُمْ ذُرِّيَّتُهُمْ بِإِيمانٍ ...) أي المؤمنون وأولادهم (أَلْحَقْنا بِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ) حشرنا أولادهم معهم (وَما أَلَتْناهُمْ مِنْ عَمَلِهِمْ مِنْ شَيْءٍ كُلُّ امْرِئٍ بِما كَسَبَ رَهِينٌ) أي مرهون ومأخوذ بعمله ان كان خيرا فخير وإن كان شرّا فشرّ ولا ننقص من عملهم شيئا أبدا بل نزيدهم (وَأَمْدَدْناهُمْ بِفاكِهَةٍ وَلَحْمٍ مِمَّا يَشْتَهُونَ) أي أعطينا بوفرة وزدناهم وقتا بعد وقت من مشتهياتهم من أنواع النّعم وممّا فيه قوام حياة الإنسان به غالبا وقد ذكرهما الله تعالى في قوله من الفواكه واللحوم بأقسامهما العديدة في كلّ زمان ومكان. وأما الألبسة فليست ممّا به قوام حياة الإنسان كما لا يخفى ،! وكفى دليلا لنا في المقام أنه تعالى لم يذكر غيرهما لأنه سبحانه في مقام بيان هذه الجهة فقط والمراد بالفاكهة واللحم هو أنواع الفاكهة اللّذيذة واللحم الطيّب. فالمتّقون يكونون في تلك الجنان مع ذريّاتهم يتنعّمون ويأكلون الفاكهة واللحم ، و (يَتَنازَعُونَ فِيها كَأْساً لا لَغْوٌ فِيها وَلا تَأْثِيمٌ) أي يتعاطون بينهم في الجنّة كؤوس الخمر الحلال وقد سمّيت باسم محلّها لأنها من كؤوس الجنّة التي لا لغو فيها ولا تأثيم أي لا كلام بعدها بالباطل