يَسِيراً) أي أنه لا يناقش بشيء ولا يعاتب على السيئات التي تاب عنها وأقلع إقلاعا تاما إذ عفا الله تعالى عنها. وقيل إن الحساب اليسير هو التجاوز عن السيئات والإثابة على الحسنات ، ومن نوقش في الحساب عذّب. وفي حديث مرفوع : ثلاث من كنّ فيه حاسبه الله حسابا يسيرا وأدخله الجنّة برحمته. قالوا : وما هي يا رسول الله؟ قال : تعطي من حرمك ، وتصل من قطعك ، وتعفو عمّن ظلمك (وَيَنْقَلِبُ) يعود بعد الحساب (إِلى أَهْلِهِ مَسْرُوراً) فرحا بما أوتي من رحمة وكرامة. وأهله هنا هم ما أعدّه الله له من الحور العين وأزواجه وأولاده وعشيرته التي سبقته إلى الجنّة (وَأَمَّا مَنْ أُوتِيَ كِتابَهُ وَراءَ ظَهْرِهِ) ذلك أن يده اليمنى مغلولة إلى عنقه ، فإنه يعطى صحيفة أعماله بيده اليسرى المشدودة إلى وراء ظهره ، وهذه إمارة على أنه من أهل النار ، ودلالة على أن صاحب الكتاب سيناقش الحساب ويأوي إلى سوء المآب ولذلك (فَسَوْفَ يَدْعُوا ثُبُوراً) أي ينادي بالويل والهلاك معولا باكيا صارخا (وَيَصْلى سَعِيراً) يدخل في النار ويعذّب فيها ، ويكون حطب جهنّم ويلزم النار إلى أبد الآبدين (إِنَّهُ كانَ) في دار الدنيا (فِي أَهْلِهِ مَسْرُوراً) ناعما فرحا لا يهتمّ بشؤون الآخرة ولا يتّقي الله ولا يتحمّل مشقة العبادة والعمل الصالح. وقيل إن من عصى وسرّ بالمعصية فقد ظنّ أنه لا يبعث ولا يحاسب. ذلك (إِنَّهُ ظَنَّ أَنْ لَنْ يَحُورَ) أي اعتقد في الدنيا أنه لا يرجع إلى الحياة بعد الموت ، ولذلك قال الله تعالى : (بَلى) أي ليرجعنّ وليحاسبنّ (إِنَّ رَبَّهُ كانَ بِهِ بَصِيراً) لم يغب عنه شيء من أمره منذ خلقه إلى أن توفّاه وبعثه.
* * *
(فَلا أُقْسِمُ بِالشَّفَقِ (١٦) وَاللَّيْلِ وَما وَسَقَ (١٧) وَالْقَمَرِ إِذَا اتَّسَقَ (١٨) لَتَرْكَبُنَّ طَبَقاً عَنْ طَبَقٍ (١٩) فَما لَهُمْ لا يُؤْمِنُونَ (٢٠) وَإِذا قُرِئَ عَلَيْهِمُ الْقُرْآنُ لا يَسْجُدُونَ