يا قَوْمِ) وأضافهم إلى نفسه احتراما لهم وتقريبا وتحريكا لعواطفهم مثل من يقول : أنتم عشيرتي يسرّني ما يسرّكم ، ويسوؤني ما يسوؤكم ، فيا قومي (إِنِّي لَكُمْ نَذِيرٌ مُبِينٌ) أي رسول مخوّف موضح لصدق تخويفي وتحذيري ، وموضح لأمور الدين ومعالم ما أدعوكم إليه (أَنِ اعْبُدُوا اللهَ وَاتَّقُوهُ) أي اعبدوه وحده ولا تشركوا به واجتنبوا غضبه وسخطه (وَأَطِيعُونِ) واسمعوا كلامي واستجيبوا لي في ما آمركم به فإن طاعتي من طاعة الله الذي إن أطعتموه (يَغْفِرْ لَكُمْ مِنْ ذُنُوبِكُمْ) أي يتجاوز عن معاصيكم السالفة ، ولفظة (مِنْ) هنا زائدة ، أي : يغفر لكم ذنوبكم التي سبق أن ارتكبتموها إذا آمنتم بقولي (وَيُؤَخِّرْكُمْ إِلى أَجَلٍ مُسَمًّى) فقد اشترط عليهم الأجل في الوعد المسمّى بعبادة الله تعالى ، فاذا لم تقع منهم الطاعة ولا العبادة أخذوا بعذاب الاستئصال قبل أجلهم المحدود الذي هو الأجل الأقصى (إِنَّ أَجَلَ اللهِ إِذا جاءَ لا يُؤَخَّرُ) يعني أن أجله الأقصى الذي عيّنه لإهلاككم لا يؤخّر عن وقته (لَوْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ) لو كنتم تعرفون ذلك تؤمنون به ، والأجل الأقصى هو الذي سمّاه (أَجَلَ اللهِ) وهو يوم القيامة الذي سيقع في موعده ويكون البعث فيه للحساب.
* * *
(قالَ رَبِّ إِنِّي دَعَوْتُ قَوْمِي لَيْلاً وَنَهاراً (٥) فَلَمْ يَزِدْهُمْ دُعائِي إِلاَّ فِراراً (٦) وَإِنِّي كُلَّما دَعَوْتُهُمْ لِتَغْفِرَ لَهُمْ جَعَلُوا أَصابِعَهُمْ فِي آذانِهِمْ وَاسْتَغْشَوْا ثِيابَهُمْ وَأَصَرُّوا وَاسْتَكْبَرُوا اسْتِكْباراً (٧) ثُمَّ إِنِّي دَعَوْتُهُمْ جِهاراً (٨) ثُمَّ إِنِّي أَعْلَنْتُ لَهُمْ وَأَسْرَرْتُ لَهُمْ إِسْراراً (٩) فَقُلْتُ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ إِنَّهُ كانَ غَفَّاراً (١٠) يُرْسِلِ السَّماءَ عَلَيْكُمْ مِدْراراً (١١) وَيُمْدِدْكُمْ بِأَمْوالٍ وَبَنِينَ