كثيرا. فقد هدّد سبحانه ذلك الهمزة اللّمزة الذي (يَحْسَبُ أَنَّ مالَهُ أَخْلَدَهُ) يظنّ أن ما جمعه من مال يجعله من الخالدين في الدنيا ويحول بينه وبين الموت ، في حين أنه (كَلَّا) أي لا يكون ذلك ولا يخلّده ماله ولا يدوم له ، وما حسبه ليس بحق فإنه (لَيُنْبَذَنَّ فِي الْحُطَمَةِ) يعني ليطرحنّ في جهنّم ، ويقذفنّ في تلك النار التي تحطم العظام وتأكل اللحوم. ثم قال سبحانه معظّما شأن تلك النار : (وَما أَدْراكَ مَا الْحُطَمَةُ؟) أي وما علمك يا محمد ، ويا أيها الإنسان ما شأن تلك الحطمة؟ ثم بيّن سبحانه شأنها بقوله : (نارُ اللهِ الْمُوقَدَةُ) أي المشعلة المؤجّجة بالوقود الهائجة اللهب ، وقد أضافها تعالى إلى نفسه ليبيّن أنها ليست كسائر النيران التي يعرفها الإنسان بل لها شؤون عظيمة أخرى ، فهي متّقدة دائما وأبدا ، وهي (الَّتِي تَطَّلِعُ عَلَى الْأَفْئِدَةِ) أي تعرف ما في القلوب ، وتشرف عليها فيبلغها ألمها الشديد ، وقيل إن هذه النار تخرج من الباطن إلى الظاهر فتلتهب منها الأحشاء والأفئدة قبل الجلود (إِنَّها عَلَيْهِمْ مُؤْصَدَةٌ) أي مطبقة مقفلة أبوابها على الكافرين لييأسوا من الخروج منها ، وهي مقفلة (فِي عَمَدٍ مُمَدَّدَةٍ) يعني أطبقت عليهم وشدّت أبوابها بأوتاد وبأعمدة من نار ممتدّة على مداخلها لإحكام إقفالها بحيث لا يدخل إليها روح ولا راحة من حرّها وألمها. وفي العياشي ، عن أبي جعفر عليهالسلام قال : إن الكفّار والمشركين يعيّرون أهل التوحيد في النار ، ويقولون : ما نرى توحيدكم أغنى عنكم شيئا ، وما نحن وأنتم إلّا سواء. قال : فيأنف لهم الربّ تعالى فيقول للملائكة : اشفعوا ، فيشفعون لمن شاء الله. ثم يقول للنبيّين : اشفعوا ، فيشفعون لمن شاء الله. ثم يقول للمؤمنين : اشفعوا ، فيشفعون لمن شاء الله. ويقول الله : أنا أرحم الراحمين ، اخرجوا برحمتي كما يخرج الفراش. ثم قال أبو جعفر عليهالسلام : ثم مدّت العمد وأوصدت عليهم ، وكان والله الخلود .. فنعوذ بالله من ذلك.
* * *