عليه ، وبخصوص هذه الآية الكريمة : (وَأَنْ لَوِ اسْتَقامُوا عَلَى الطَّرِيقَةِ لَأَسْقَيْناهُمْ ماءً غَدَقاً) روى بريد العجلي عن أبي عبد الله عليهالسلام قال : معناه : لأفدناهم علما كثيرا يتعلّمونه من الأئمة (وَمَنْ يُعْرِضْ) ينصرف (عَنْ ذِكْرِ رَبِّهِ) عن التفكير فيما يوصله إلى معرفة الله تعالى وشكره وطاعته (يَسْلُكْهُ عَذاباً صَعَداً) أي يدخله في عذاب شديد يتصعّد في المشقّة والعظم.
١٨ ـ (وَأَنَّ الْمَساجِدَ لِلَّهِ فَلا تَدْعُوا مَعَ اللهِ أَحَداً ...) تقدير الكلام : ولأن المساجد لله ، فلا تدعوا فيها مع الله أحدا ، واجعلوها بيوتا خالصة لذكر الله ، ولا تفعلوا فعل المشركين في الكعبة ولا فعل أهل الكتاب في بيعهم وكنائسهم حيث يتحدّثون فيها ويتاجرون ويتسامرون. وقيل إن المساجد هنا هي مواضع السجود ، وهي الجبهة والكفّان ، وأصابع الرجلين دعينا الرّكبتين ، فهي لله تعالى وقد خلقها فلا يجوز أن يسجد عليها لغيره ، فقد روي أن المعتصم العباسيّ سأل الإمام محمدا الجواد عليهالسلام عن قوله تعالى : (وَأَنَّ الْمَساجِدَ لِلَّهِ) ، فقال : هي الأعضاء السبعة التي يسجد عليها.
١٩ ـ ٢٠ ـ (وَأَنَّهُ لَمَّا قامَ عَبْدُ اللهِ ...) أي لمّا أخذ عبده ورسوله محمد صلىاللهعليهوآله (يَدْعُوهُ) يدعو ربّه عزّ وعلا ويقول : لا إله إلا الله ، ويدعو إلى توحيد ربّه تاليا القرآن (كادُوا يَكُونُونَ عَلَيْهِ لِبَداً) أي تجمّع الجنّ من حوله وركب بعضهم بعضا من شدّة الزّحام رغبة باستماع تلاوته ودعوته. وقيل هذا القول قالته الجنّ حين رجعوا إلى قومهم ووصفوا لهم ازدحام أصحاب النبيّ (ص) من حوله حرصا على أن لا يفوتهم شيء ولذلك يتلبّد بعضهم فوق بعض. بل قيل إنما قصد بذلك دعوة النبيّ (ص) لقريش بأن يؤمنوا بالله ويوحّدوه ، فتكاثروا عليه ليحولوا بينه وبين دعوته وليزيلوه عمّا هو فيه ، ولكن الله تعالى نصره عليهم ، وعلى هذا التفسير يكون ابتداء الكلام : (قُلْ إِنَّما أَدْعُوا رَبِّي وَلا أُشْرِكُ بِهِ أَحَداً)