٣٦ و ٣٧ ـ (وَكَمْ أَهْلَكْنا قَبْلَهُمْ مِنْ قَرْنٍ ...) أي كم دمّرنا من قوم وأمة قبل قومك في الأزمنة القديمة الماضية (هُمْ أَشَدُّ مِنْهُمْ بَطْشاً) البطش الأخذ بسرعة أو بعنف وسطوة وقوّة (فَنَقَّبُوا فِي الْبِلادِ) تفحّصوا في البلاد وتجسّسوا فيها لتحصيل الأخبار وما يجري في البلاد ليطّلع عليها رأس القوم ورئيس العشيرة ، أو جالوا في الأرض. وأصل النّقيب التّنقير في الشيء والبحث عنه (هَلْ مِنْ مَحِيصٍ) يعني هل من مفرّ لهم من الله أو من الموت؟ أعني ليس لهم من محيص والمحيص المختبر المطهّر من الذنوب. (إِنَّ فِي ذلِكَ لَذِكْرى لِمَنْ كانَ لَهُ قَلْبٌ) أي عقل يتعقّل به ويتفكّر فيما يقال له من عنده تعالى بواسطة رسوله صلىاللهعليهوآله (وَهُوَ شَهِيدٌ) الواو حاليّة ، والشهيد صيغة مبالغة أي في حال هو حاضر بجميع مراتب الحضور حتى يفهم معانيه. وفي تنكير القلب وإبهامه تفخيم وإشعار بأن ليس كلّ قلب له قابليّة التدبّر والتفكّر بل ذاك لصاحب القلب المتدبر في الحقائق. وفي المعاني عن أمير المؤمنين عليهالسلام قال بصوت عال : أنا ذو القلب ، ثم تلا هذه الآية.
٣٨ ـ (وَلَقَدْ خَلَقْنَا السَّماواتِ وَالْأَرْضَ وَما بَيْنَهُما فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ ...) أولها يوم الأحد ، وآخرها يوم الجمعة (وَما مَسَّنا مِنْ لُغُوبٍ) أي ما أصابنا من تعب ولا عياء. وهذه الشريفة ردّ لقول اليهود أن الله استراح يوم السّبت ، فعلى قولهم شرع يوم الأحد وفرغ منه يوم الجمعة واستراح يوم السبت واستلقى على العرش أي نام على قفاه على سريره مستريحا ، تعالى الله عن التجسيم وعن أن يحتويه مكان أو أن يحدّ بحدّ.
٣٩ و ٤٠ ـ (فَاصْبِرْ عَلى ما يَقُولُونَ ...) أي اصبر على ما يقوله المشركون من تكذيبك فإنهم لا يعجزون الله (وَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ) أي نزّهه عمّا يقول الكافرون من اليهود وعمّا لا يليق به (قَبْلَ طُلُوعِ الشَّمْسِ وَقَبْلَ الْغُرُوبِ) أي عند الفجر والعصر (وَمِنَ اللَّيْلِ فَسَبِّحْهُ) أي فسبّحه