صاحب اليمامة) فقال لهم جوابا على ذلك : (الرَّحْمنُ عَلَّمَ الْقُرْآنَ) أي هو الذي علّمه لنبيّه محمد صلىاللهعليهوآله وهو بدوره علّمه لأمّته. وهذا جواب للكافرين الذين قالوا : (إنما يعلّمه بشر) فهو تبارك وتعالى الذي علّمه إياه ، وهو الذي (خَلَقَ الْإِنْسانَ) وأخرجه بقدرته من العدم إلى الوجود ، حين برأ آدم عليهالسلام ، وهو الذي (عَلَّمَهُ الْبَيانَ) أي أسماء كلّ شيء من جهة ، والإفصاح عمّا في نفسه من جهة ثانية. وفي المجمع عن الصّادق عليهالسلام : البيان هو الاسم الأعظم الذي به علم كلّ شيء. وقيل إن لفظ (الْإِنْسانَ) جنس وهو يعني جميع الناس الذين بقدرته علّمهم النّطق والقراءة والكتابة والخط والفهم بكافّة جهاته ، والله أعلم بما عنى بقوله.
٥ و ٦ ـ (الشَّمْسُ وَالْقَمَرُ بِحُسْبانٍ ...) سجودهما هو استكانتهما لمشيئته جلّ وعلا ، وإذعانهما لأوامره التي قدّرها لهما. فهما بحسبان أي يسيران بحسب منازل مقدّرة لا يتعدّيانها فيدلّان بذلك على الأيام والشهور والأعوام لأنهما يجريان على وتيرة واحدة أجراهما عليها الخالق عزّ وعلا فلا يقع فيهما تفاوت ولا خلل فيتوفّر نورهما للناس نهارا وليلا وينتج من ذلك منافع لا تعد ولا تحصى فهما نعمتان عظيمتان لكافّة المخلوقات (وَالنَّجْمُ وَالشَّجَرُ يَسْجُدانِ) النجم هنا هو النبات الذي ليس له ساق ولا جذع كالأعشاب الصغيرة. فهذا النبات ، وسائر الشجر يسجد لله عزّ اسمه بما فيه من آيات دالّة على عظمة موجودة وبما يحتوي من براهين توجب السجود لقدرة ذلك المقدّر. وقيل إن السجود المقصود ، هو سجود الظّلال بكرة وعشيّا وطيلة النهار ، يعني أن هذا الظّل يعطي صفة الخضوع ويوحي بإثبات المبدع الذي أحدث هذه الأشياء بهذا الشكل الدقيق.
٧ إلى ٩ ـ (وَالسَّماءَ رَفَعَها وَوَضَعَ الْمِيزانَ ...) أي أنه سبحانه رفعها فوق الأرض وأمسكها بلا عمد ترونها بقدرته لتدلّ على كمال عظمته (وَوَضَعَ الْمِيزانَ) الذي هو آلة الوزن التي تحقّق الإنصاف في البيع