الآيات الخمس من أول هذه السورة. وقد كنّا ذكرنا ذلك في سورة المدثّر ونزيدها هنا ـ كما عن أبي ميسرة أن رسول الله صلىاللهعليهوآله قال لخديجة عليهاالسلام : إنّي إذا خلوت وحدي سمعت نداء. فقالت : ما يفعل الله بك إلّا خيرا. فو الله إنك لتؤدّي الأمانة ، وتصل الرحم ، وتصدق الحديث. ثم قالت خديجة : فانطلقنا إلى ورقة بن نوفل ـ ابن عمّها ـ فأخبره رسول الله صلىاللهعليهوآله بما رأى ، فقال له ورقة : إذا أتاك فاثبت له حتى تسمع ما يقول ، ثم ائتني فأخبرني. فلمّا خلا ناداه : يا محمد ، قل : بسم الله الرّحمن الرّحيم ، الحمد لله رب العالمين ، حتى بلغ : ولا الضالّين ، قل : لا إله إلّا الله. فأتى ورقة فذكر له ذلك ، فقال له : أبشر ثم أبشر ، فأنا أشهد أنك الذي بشّر به ابن مريم ، وانك على مثل ناموس موسى ، وأنك نبيّ مرسل ، وأنك سوف تؤمر بالجهاد بعد يومك هذا. ولئن أدركني ذلك لأجاهدنّ معك. فلمّا توفي ورقة قال رسول الله صلىاللهعليهوآله : لقد رأيت القسّ في الجنّة عليه ثياب الحرير لأنه آمن بي وصدقني .. ثم بعد أن أمره بقراءة اسم ربّه ، وصف سبحانه ذلك الربّ ـ أي نفسه القدسية عزّ وعلا ـ فقال (الَّذِي خَلَقَ) يعني ابتدع وأوجد جميع المخلوقات على مقتضى حكمته ، فأخرجها من العدم إلى الوجود بقدرته الكاملة ، وقد خصّ الإنسان بالذكر تشريفا للإنسان لأنه أكمل المخلوقات فقال : (خَلَقَ الْإِنْسانَ مِنْ عَلَقٍ) الإنسان هو الجنس من بني آدم ، يعني خلقهم من قطعة دم جامدة بعد النّطفة ، وهذا يعني أنه خلقه من شيء مهين حقير ثم بلغ به الغاية من الكمال بقدرته وحكمته وتدبيره فجعله بشرا سويّا عاقلا مفكّرا مختارا ، قد نقله من مرتبة الجهالة الى مرتبة العلم والمعرفة ، بل قد أوصل بعضه الى مرتبة النبوّة والرسالة ... ثم أعاد أمره سبحانه لنبيّه فقال : (اقْرَأْ) يا محمد ما نوحيه إليك (وَرَبُّكَ الْأَكْرَمُ) أي الأعظم كرما من كلّ كريم لأنه يهب ما لا يقدر عليه غيره ، وهو (الَّذِي عَلَّمَ بِالْقَلَمِ) أي علّم الكاتب أن يكتب بالقلم