فوقها قبّة. والسماء الثانية فوق السّماء الدّنيا. والسّماء الثالثة فوق الثانية ، ثم هكذا إلى السماء السابعة فوقها قبة ، وعرش الرحمن فوق السماء السّابعة ، وهو قوله (خَلَقَ سَبْعَ سَماواتٍ وَمِنَ الْأَرْضِ مِثْلَهُنَّ يَتَنَزَّلُ الْأَمْرُ بَيْنَهُنَ) وصاحب الأمر هو النبيّ والوصيّ بعده وهو على وجه الأرض. وإنما ينزل الأمر اليه من فوق السماوات والأرضين إلى آخر الحديث فهو طويل أخذنا منه شاهدا. (إِنَّكُمْ لَفِي قَوْلٍ مُخْتَلِفٍ) أي إنكم يا أهل مكة أقوالكم مختلفة في محمّد (ص) إذ قال بعضكم : هو شاعر ، وبعضكم : محمد ساحر ، وبعضكم قال : هو مجنون. وفي كتابه أيضا أقوالكم مختلفة ، بعضكم قال إنه شعر ، وطائفة أخرى قالت : هو سحر ، وطائفة ثالثة إنه رجز وكهانة بل تقولون هو ما سطّره الأوّلون (يُؤْفَكُ عَنْهُ مَنْ أُفِكَ) أي يصرف عن الإيمان بالحقّ من أفك أي من صرف. ويحتمل أن يكون المعنى : يمنع عن الإيمان بالحقّ من منع اعتمادا على الإفك أي البهتان الذي يقوله الكفّار والمعاندون.
١٠ إلى ١٤ ـ (قُتِلَ الْخَرَّاصُونَ ...) أي الكذّابون على الله ورسوله. قال ابن عباس ، وقال ابن الانباري : وإنّما كان القتل بمعنى اللّعنة هنا ، لأن من لعنه الله فهو بمنزلة القتيل الهالك. ثم وصف سبحانه هؤلاء الكفّار فقال (الَّذِينَ هُمْ فِي غَمْرَةٍ ساهُونَ) أي في جهلهم ساهون بعمق الجهل وغمره لنفوسهم ، أي بواسطة كثرة جهلهم كانوا تاركين لله ولرسوله فكيف بأحكامه تعالى (يَسْئَلُونَ أَيَّانَ يَوْمُ الدِّينِ) أي يوم جزاء الأعمال ايّ يوم من الأيام وايّ وقت من الأوقات هو؟ وهذا هو السّؤال ، وأمّا الجواب فهو : (يَوْمَ هُمْ عَلَى النَّارِ يُفْتَنُونَ) أي يحرقون وبأشدّ العذاب يبتلون ويقال لهم : (ذُوقُوا فِتْنَتَكُمْ) أي عذاب حريقكم (هذَا الَّذِي كُنْتُمْ بِهِ تَسْتَعْجِلُونَ) لرؤيته وأنتم في الدّنيا استبعادا له ، فقد حصّلتم الآن صحّته وعرفتم وقوعه.
* * *