الله ينادي يا فلان ويا فلان اشهدوا. وقال ابن مسعود : والذي نفسي بيده لقد رأيت حراء بين فلقتي القمر. وقال جبير بن مطعم : انشقّ القمر حتى صار فرقتين على هذا الجبل وعلى هذا الجبل ، فقال ناس : سحرنا محمد ، وقال لهم رجل : إن كان سحركم فلم يسحر الناس كلهم. (وَإِنْ يَرَوْا آيَةً يُعْرِضُوا) أي إذا رأوا معجزة أو برهانا صادقا على نبوّة محمد صلىاللهعليهوآله ينصرفون عنها عنادا وكفرا ولا يتأمّلون ولا يفكّرون. والمقصود بهم قريش الذين لم ينقادوا للآيات حسدا وعنادا (وَيَقُولُوا سِحْرٌ مُسْتَمِرٌّ) أي أن الآيات التي يأتي بها محمد (ص) هي سحر قويّ ليس له نظير. ومستمرّ : يعني مستحكم وشديد ، وهذا القول تلفّظوا به حين انشقاق القمر.
٣ إلى ٥ ـ (وَكَذَّبُوا وَاتَّبَعُوا أَهْواءَهُمْ ...) العجيبة التي شاهدوها وعلموا بما وسوست لهم به نفوسهم وسوّل لهم هواهم وزيّن لهم الشيطان من باطلهم المقيمين عليه (وَكُلُّ أَمْرٍ مُسْتَقِرٌّ) أي أن الخير يستقر بأهله ، والشر يستقر بأهله ، يعني أن كل أمر ثابت على صاحبه حتى يجازى بحسبه فإمّا أن يثاب وإمّا أن يعاقب. وقيل إن كل أمر استقر يعني أنه سيظهر على حقيقته في الآخرة ويعرف كما هو واقعا (وَلَقَدْ جاءَهُمْ مِنَ الْأَنْباءِ) أي جاء الكفار من الأخبار العجيبة في القرآن التي وصف بها كفر من تقدّم من الأمم والنّقمة التي حلّت بهم حين أهلكهم الله تعالى ، فجاءهم من ذلك (ما فِيهِ مُزْدَجَرٌ) أي ما فيه موعظة تزجر المرء عن العصيان والكفر والتكذيب (حِكْمَةٌ بالِغَةٌ) هذا القرآن العظيم هو أعظم حكمة بلغت الغاية في الوعظ والبيان (فَما تُغْنِ النُّذُرُ) أي ما تفيد النّذر مع تكذيب هؤلاء المعاندين وكفرهم. والنّذر جمع نذير ، وهو المخوّف من عاقبة العصيان. و «ما» في (فَما تُغْنِ النُّذُرُ) إمّا أنّها للجحد فهي حرف أي : فلا تغني النّذر ، وإمّا أنّها استفهام فتكون اسما ويكون التقدير : فأيّ شيء تغني النّذر.
* * *