أي والذي خلقهما. وقيل عنى بذلك آدم وحوّاء عليهماالسلام ، وقيل قصد النوع : (إِنَّ سَعْيَكُمْ لَشَتَّى) هو جواب القسم ، فقد أقسم سبحانه بما تقدّم أن أعمالكم مختلفة بعضها يؤدّي إلى الجنّة وبعضها يؤدّي إلى النار ، فهذا يسعى للنجاة وفكاك رقبته من النار ، وذاك يسعى للدنيا وللخسار في الآخرة ولدخول النار (فَأَمَّا مَنْ أَعْطى وَاتَّقى) لهذه الآية قصة نزلت بسببها ، وهي أن رجلا كانت له نخلة مائلة تتدلّى فروعها في دار رجل فقير ذي عيال. وكان صاحب النخلة إذا صعد إليها ليقطف من ثمرها ربما سقطت تمرة فتناولها أحد أولاد الفقير ، فكان ينزل صاحب النخلة فيأخذ التمرة من الصبيّ حتى ولو وجدها في فمه أدخل إصبعه وأخرجها من فمه. فشكا الفقير ذلك إلى النبيّ صلىاللهعليهوآله وأخبره بما يلقى من صاحب النخلة فقال له (ص) اذهب. ثم لقي رسول الله (ص) صاحب النخلة فقال له : تعطيني نخلتك المائلة التي فرعها في دار فلان ولك بها نخلة في الجنة؟ فقال له الرجل : ان لي نخلا كثيرا وما فيه نخلة أعجب إليّ تمرة منها. ثم ذهب ولم يستجب لطلب النبيّ (ص) وسمع رجل يدعى أبا الدحداح الحديث فقال : يا رسول الله أتعطيني ما أعطيت الرجل إن أنا أخذتها؟ قال نعم. فذهب الرجل وساوم صاحب النخلة واشتراها منه بأربعين نخلة وأشهد على ذلك ، ثم جاء ، ووهبها للنبيّ (ص) فذهب رسول الله (ص) إلى صاحب الدار فقال له : لك النخلة ولعيالك ، فنزلت هذه السورة المباركة. فالذي أعطى واتّقى هو أبو الدحداح (وَصَدَّقَ بِالْحُسْنى) أي بأن الله يعطي الواحد عشرا إلى أكثر من ذلك (فَسَنُيَسِّرُهُ لِلْيُسْرى) أي نسهّل أموره للخير لأنه لا يسعى إلّا للخير ولا يسعى في الشر (وَأَمَّا مَنْ بَخِلَ وَاسْتَغْنى) أي بخل بماله وضنّ به كما فعل مالك النخلة الذي بخل بحقّ الله تعالى ثم التمس الغنى وطلبه بمنع العطاء وبالبخل ، وعمل علم من لا يطلب عطاء الله ورحمته (وَكَذَّبَ بِالْحُسْنى) أي لم يصدّق بحسنى الثواب وبالجنّة (فَسَنُيَسِّرُهُ