عن أبي جعفر الباقر عليهالسلام. فقد أقسم الله تعالى ب (ن) كائنا ما كان من هذه الأشياء الدالّة على عظمته سبحانه وقدرته في مخلوقاته (وَ) أقسم ب (الْقَلَمِ) الذي يكتب به به لمنافع الإنسان لأنه لسانه الثاني الذي يترجم عن فكره وينقل إلى الآخرين معلوماته وأفكاره ودعوته إلى الحق ، وما يكتبه لا يفنى ولا يذهب كما يذهب كلام اللسان بل يبقى إلى الأبد فيراه القريب والبعيد. لذا أقسم به سبحانه (وَ) ب (ما يَسْطُرُونَ) أي بما يكتبه الملائكة المكلّفون بما يوحى إليهم ، والملائكة الحفظة من أعمال بني آدم ، فأقسم عزوجل بذلك كلّه قائلا للنبيّ صلىاللهعليهوآله : (ما أَنْتَ بِنِعْمَةِ رَبِّكَ بِمَجْنُونٍ) يعني لست يا محمد بجاهل لنعمة ربّك التي أنعم بها عليك ، ولا هي تغيب عن وعيك كما تغيب الأشياء عن وعي المجانين ، فلست ناسيا لما منحك الله سبحانه من النبؤة وكمال العقل وجليل الحكمة. وهذا ردّ لقول الكافرين به الذين قالوا له : يا أيّها الذي نزّل عليه الذّكر إنك لمجنون. فقد نفى عنه سبحانه الجنون وردّ عليهم قائلا : (وَإِنَّ لَكَ) يا محمد (لَأَجْراً غَيْرَ مَمْنُونٍ) أي أن لك ثوابا على أداء الرسالة وتحمّل أعباء الدعوة غير مقطوع ، فلا تهتمّ بأقوالهم ولا تنزعج من كلامهم ونعتهم لك بهذه النعوت التي أنت بعيد عنها فثوابنا لك يوم القيامة سيكون غير مكدّر بالمنّ بل سنعطيك من نعمنا في الجنّة بغير حساب. وعن ابن عباس قال : ليس من نبيّ إلّا وله مثل أجر من آمن به ودخل في دينه ... وبعد أن برّأه الله تعالى ممّا يقول الظالمون قال له سبحانه (وَإِنَّكَ) يا محمد (لَعَلى خُلُقٍ عَظِيمٍ) أي انك متخلّق بأخلاق الإسلام العالية ، ومتطبّع على أحسن الأخلاق وأجمل الآداب ، وأنت إلى جانب سمّو أخلاقك ورفيع صفاتك تتحمل الصعوبات في حمل الدعوة ، وتصبر على أداء الرسالة ، وتتجاوز وتعفو عمّن ظلمك ، وتبسط جناحك لمن آمن بك وتعاشر الناس بأسمى أخلاقهم وأعلى صفاتهم حتى صرت المثل الأعلى في الأخلاق وأدب المعاشرة وجمعت مكارم الأخلاق. وفي الصحيح