إذا رأى سيئاته ضجر واستعجل فيقال له توبيخا : لا تعجل وتثبّت لتعلم الحجة عليك فإن نجمعها لك ، فإذا جمعناه فاتّبع ما جمع عليك بالانقياد لحكمه والاستسلام للتبعة فيه فإنه لا يمكنك إنكاره (ثُمَّ إِنَّ عَلَيْنا بَيانَهُ) ولو أنكرت ، أي علينا بيان ما أخبرناك عنه في الآخرة.
٢٠ ـ ٢٥ ـ (كَلَّا بَلْ تُحِبُّونَ الْعاجِلَةَ وَتَذَرُونَ الْآخِرَةَ ...) أي أنكم أيّها الكفار تختارون حبّ الدنيا وتعملون لها وتفضلّونها على الآخرة التي تذرونها : تتركونها ولا تعملون لعقباكم لجهلكم وسوء اختياركم ، ف (وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ) أي يوم القيامة (ناضِرَةٌ) حسنة البهجة ناعمة المنظر مضيئة بالسرور يعلوها نور الإيمان وتبدو عليها نعمة الرضى من الله تعالى ، وهي وجوه أهل الإيمان والطاعة الفائزين بالثواب وحسن المآب ، وتكون (إِلى رَبِّها ناظِرَةٌ) أن ناظرة إلى نعمة ربّها وثوابها على ما عملته في الدنيا وهذا كقوله تعالى : (وَجاءَ رَبُّكَ وَالْمَلَكُ صَفًّا صَفًّا) ، أي : جاء أمر ربّك بحضور الملائكة فإن الله تعالى سبحانه عن الرؤية بالحاسّة. وقيل معناه : منتظرة لرحمة ربّها وغفرانه مؤمّلة بكرمه ومنّه (وَوُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ باسِرَةٌ) أي عابسة مقطّبة كالحة من خوف المصير وهي وجوه أهل الكفر والمعاصي (تَظُنُّ أَنْ يُفْعَلَ بِها فاقِرَةٌ) أي تعتقد أنها ستحلّ بها داهية تكسر فقرات ظهورها لأنها لم تقم بالطاعات ولم تعمل شيئا من الصالحات ، أعاذنا الله من سوء المصير بمحمد وآله الطاهرين.
* * *
(كَلاَّ إِذا بَلَغَتِ التَّراقِيَ (٢٦) وَقِيلَ مَنْ راقٍ (٢٧) وَظَنَّ أَنَّهُ الْفِراقُ (٢٨) وَالْتَفَّتِ السَّاقُ بِالسَّاقِ (٢٩) إِلى رَبِّكَ يَوْمَئِذٍ الْمَساقُ (٣٠) فَلا صَدَّقَ وَلا صَلَّى (٣١) وَلكِنْ كَذَّبَ وَتَوَلَّى (٣٢) ثُمَّ ذَهَبَ إِلى أَهْلِهِ يَتَمَطَّى (٣٣) أَوْلى لَكَ فَأَوْلى (٣٤) ثُمَّ أَوْلى لَكَ فَأَوْلى (٣٥) أَيَحْسَبُ الْإِنْسانُ أَنْ يُتْرَكَ سُدىً (٣٦)