أُمَّهاتِكُمْ) وحيث كنتم أجنّة في الأرحام وقبل أن تولدوا ، فإنه يعلم كلّ نفس إلى ما هي صائرة إليه (فَلا تُزَكُّوا أَنْفُسَكُمْ) لا تمدحوها ولا تعتبروها زكيّة خيّرة فإنه سبحانه (هُوَ أَعْلَمُ بِمَنِ اتَّقى) أعرف بمن تجنّب الشّرك والكبائر واتّبع رضوان الله.
* * *
(أَفَرَأَيْتَ الَّذِي تَوَلَّى (٣٣) وَأَعْطى قَلِيلاً وَأَكْدى (٣٤) أَعِنْدَهُ عِلْمُ الْغَيْبِ فَهُوَ يَرى (٣٥) أَمْ لَمْ يُنَبَّأْ بِما فِي صُحُفِ مُوسى (٣٦) وَإِبْراهِيمَ الَّذِي وَفَّى (٣٧) أَلاَّ تَزِرُ وازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرى (٣٨) وَأَنْ لَيْسَ لِلْإِنْسانِ إِلاَّ ما سَعى (٣٩) وَأَنَّ سَعْيَهُ سَوْفَ يُرى (٤٠) ثُمَّ يُجْزاهُ الْجَزاءَ الْأَوْفى (٤١))
٣٣ إلى ٤١ ـ (أَفَرَأَيْتَ الَّذِي تَوَلَّى وَأَعْطى قَلِيلاً وَأَكْدى ...) أي نظرت إلى الذي أدبر عن الحق واعطى قليلا من الصدقات وأكدى : أي أمسك عن العطاء أو منعه منعا شديدا (أَعِنْدَهُ عِلْمُ الْغَيْبِ فَهُوَ يَرى) أي هل يعرف ما غاب عنه من علم العذاب الذي سيصل ويرى أن صاحبه يتحمّل عنه عذابه الذي استحقّه؟ ... وقيل إن هذه الآيات نزلت في عثمان بن عفّان أو في الوليد بن المغيرة ، وكان قد اتّبع الرسول فعاتبه أحد الكافرين على ذلك وقال له قد فضحت أشياخك وآباءك ، فعد إلى عقيدة آبائك فأنا أتحمّل عنك العذاب في يوم القيامة ، فأطاعه ، فنزلت هذه الآيات. والحاصل أن المقصود كيف اقتنع وهو لا يعلم ما يصير إليه أمر الكافرين؟ (أَمْ لَمْ يُنَبَّأْ بِما فِي صُحُفِ مُوسى) عليهالسلام يعني : ألم يخبر بما في التوراة (وَإِبْراهِيمَ) يعني وبما في صحف إبراهيم عليهالسلام (الَّذِي وَفَّى) أي أتمّ ما كلّف بتبليغه وأدّى ما أمر به كاملا؟ ثم بيّن