الكافر الذي لا يتعقّل ولا يتفكّر ولا يتدبّر ولا يلين قلبه لمواعظ القرآن وترهيبه وترغيبه (وَتِلْكَ الْأَمْثالُ نَضْرِبُها لِلنَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ) أي ليعتبر الناس بهذه الأمثال التي هي من واقع حياتهم. وبعد هذا التصغير من شأن الكافر المعاند انتقل كلامه عزوجل إلى وصف ربوبيّته ووحدانيّته وعظمته فقال عزّ من قائل :
٢٢ إلى آخر السورة المباركة ـ (هُوَ اللهُ الَّذِي لا إِلهَ إِلَّا هُوَ ...) يعني هو الربّ الذي لا ربّ غيره ، المستحقّ للعبادة والتقديس دون سواه ، وهو (عالِمُ الْغَيْبِ وَالشَّهادَةِ) أي العالم بما غاب عن عباده وبما يشاهدونه ويرونه ، أي بما لا يقع عليه حسّهم ولا يصل إليه إدراكهم ، يعلم السرّ وأخفى. وفي المجمع عن أبي جعفر عليهالسلام : الغيب ما لم يكن والشهادة ما كان (هُوَ الرَّحْمنُ) الرازق لجميع خلقه طائعين وعصاة (الرَّحِيمُ) بالمؤمنين منهم خاصة (هُوَ اللهُ الَّذِي لا إِلهَ إِلَّا هُوَ الْمَلِكُ) أي المالك لجميع الأشياء ، دون منازع في ملكيّته (الْقُدُّوسُ) الطاهر من كل آفة المنزّه عن كل قبيح ، وقيل المطهّر من الشريك والولد والصاحبة ، فليس بجسم حتى تعرض له الحوادث ، بل هو المبارك واهب الخيرات المتفضّل على الخلق بالنّعم (السَّلامُ) الذي يسلم العباد من ظلمه ومنه ترجى السلامة (الْمُؤْمِنُ) الذي تنجو المخلوقات من ظلمه ، وقيل هو الذي أمن أولياؤه من عقابه كما قيل أنه الداعي إلى الإيمان والآمر به (الْمُهَيْمِنُ) الرقيب المتسلّط على الأشياء ، وقيل هو الأمين الذي لا يضيع عنده حقّ لأحد (الْعَزِيزُ) المنيع القادر الذي لا يقهر (الْجَبَّارُ) القاهر العظيم الشأن ولا جبّار غيره وإذا وصف الظالمون بذلك فإنما يوضع الوصف في غير محلّه ويكون حينئذ ذمّا للموصوف. وهو (الْمُتَكَبِّرُ) المجلّل بالكبرياء الحقيق بصفات التعظيم المتعالي عن صفات المحدثين (سُبْحانَ اللهِ) تنزيها له (عَمَّا يُشْرِكُونَ) عن شرك المشركين به لأنه (هُوَ اللهُ الْخالِقُ) المبتدع لأجسام الكائنات ولجميع الأعراض والمحدث