١٥ إلى ١٧ ـ (كَمَثَلِ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ ...) أي أن حال الكافرين الذين تكلّمنا عنهم من اليهود وغيرهم من الاغترار بعددهم وقوّتهم ، كحال من سبقهم من المشركين الذين حاربوكم يوم بدر مثلا أو كبني قينقاع الذين نقضوا العهد مع رسول الله صلىاللهعليهوآله بعد بدر فأخرجوا صاغرين و (ذاقُوا وَبالَ أَمْرِهِمْ) أي ذاقوا عاقبة كفرهم وعنادهم (وَلَهُمْ عَذابٌ شَدِيدٌ) في الآخرة لأنهم من أهل النار. أو أن هؤلاء اليهود والمنافقين مثلهم (كَمَثَلِ الشَّيْطانِ إِذْ قالَ لِلْإِنْسانِ اكْفُرْ) فغشّه ووسوس له بالكفر وزيّنه له (فَلَمَّا كَفَرَ) ومارس الكفر وتحكّم فيه العناد واستحوذ عليه الشيطان (قالَ إِنِّي بَرِيءٌ مِنْكَ) تبرّأ منه الشيطان ومن كفره وقال : (إِنِّي أَخافُ اللهَ رَبَّ الْعالَمِينَ) أخشى عقابه يوم القيامة. وهذه هي حال الشيطان مع الناس فإنه يغرهم ويغويهم في الدنيا ويتبرّأ منهم ومن عملهم في الآخرة ويرميهم بعذاب الضمير فوق عذاب جهنم وبئس المصير. وروي أن هذا المثل قد كان من واقع حياة اليهود وإن له قصة يعرفونها. فقد كان في بني إسرائيل عابد زاهد اسمه برصيصا يؤتى بالمجانين ويرقيهم ويشفيهم بقدرة الله. وقد أتي بامرأة شريفة أصابها مسّ من الجنون فأخذ يعالجها فأغواه الشيطان فوقع عليها فحملت قبل أن تخرج من صومعته معافاة لتعود إلى أهلها. وقد ظهر عليها الحمل فخاف أن يفتضح أمره فزيّن له الشيطان قتلها ودفنها ففعل. فخرج الشيطان وطاف على إخوتها واحدا واحدا يذكر لهم قصّة العابد بالتفصيل ويصف لهم مكان دفنها. فاجتمعوا وتذاكروا بالقصّة ثم أخبروا ملك الزمان بها ، فجاء الملك مع الناس فأنزلوه من صومعته وسألوه عن الذي فعله وأظهروا له الدلائل فاعترف ، فأخذه الملك وأمر بصلبه. ولمّا علّق على الصليب أتاه الشيطان فقال أنا الذي ألقيتك في هذا المأزق وأنا الوحيد الذي يخلّصك منه إذا أطعتني بشيء أطلبه منك ، وذلك بأن تسجد لي فأنجّيك بقدرة قادر. فقال العابد : وكيف أستطيع السجود لك وأنا معلّق على خشبتي؟ قال له