الزجاج مضاء يرى ما في داخلها من خارجها. وقيل : هي قوارير من زجاج لها صفاء الفضة وقد حذف المضاف هنا والتقدير : من صفاء الفضة (قَدَّرُوها تَقْدِيراً) أي قدّرها الذين يسقون الأبرار بها تقديرا يساوي ريّ الأبرار بحيث لا يزيد ولا ينقص ، فالخدم هم الذين يقدّرون ذلك وهم الذين يسقون بها الشاربين (وَيُسْقَوْنَ فِيها) في الجنّة (كَأْساً كانَ مِزاجُها زَنْجَبِيلاً) أي ممزوجة بالزنجبيل الذي هو ليس كزنجبيل الدنيا بل يفوقه طعما ورائحة (عَيْناً فِيها تُسَمَّى سَلْسَبِيلاً) أي أن المزيج هذا من عين تسمى السلسبيل ، وهي ـ كما قال الزجاج ـ صفة لما كان في غاية السلاسة. وهي تسيل في طرقهم وفي منازلهم وحدائقهم وتنبع من أصل العرس من حبّة عدن إلى سائر أهل الجنان. وقال ابن الأعرابي : لم أسمع بالسلسبيل إلّا في القرآن. وقيل سميت السلسبيل لأنها يقاد ماؤها أينما شاء شاربها ، والله أعلم.
* * *
(وَيَطُوفُ عَلَيْهِمْ وِلْدانٌ مُخَلَّدُونَ إِذا رَأَيْتَهُمْ حَسِبْتَهُمْ لُؤْلُؤاً مَنْثُوراً (١٩) وَإِذا رَأَيْتَ ثَمَّ رَأَيْتَ نَعِيماً وَمُلْكاً كَبِيراً (٢٠) عالِيَهُمْ ثِيابُ سُندُسٍ خُضْرٌ وَإِسْتَبْرَقٌ وَحُلُّوا أَساوِرَ مِنْ فِضَّةٍ وَسَقاهُمْ رَبُّهُمْ شَراباً طَهُوراً (٢١) إِنَّ هذا كانَ لَكُمْ جَزاءً وَكانَ سَعْيُكُمْ مَشْكُوراً (٢٢))
١٩ ـ ٢٢ ـ (وَيَطُوفُ عَلَيْهِمْ وِلْدانٌ مُخَلَّدُونَ ...) أي يدور على أهل الجنة ، وعلى أولئك الأبرار خاصة ، ولدان ذكرنا وصفهم سابقا (إِذا رَأَيْتَهُمْ) إن نظرت إليهم في صفائهم (حَسِبْتَهُمْ لُؤْلُؤاً مَنْثُوراً) لحسن منظرهم وجمال صورهم وبهاء رونقهم (وَإِذا رَأَيْتَ) نظرت (ثَمَ) يعني في الجنّة (رَأَيْتَ نَعِيماً) عظيما (وَمُلْكاً كَبِيراً) جزيلا قال عنه الإمام