وتكلّمت أيديهم وأرجلهم ، فحينئذ لا ينطقون (وَلا يُؤْذَنُ لَهُمْ) أي لا يسمح لهم (فَيَعْتَذِرُونَ) فيبدون أعذارهم (وَيْلٌ يَوْمَئِذٍ لِلْمُكَذِّبِينَ) بهذه الحال التي تصيب الكافرين (هذا يَوْمُ الْفَصْلِ) بين المؤمنين من أهل الجنّة ، وبين الكافرين من أهل النار وهو يوم القضاء ، وعزل هؤلاء عن هؤلاء والانتصاف للمظلوم من الظالم (جَمَعْناكُمْ وَالْأَوَّلِينَ) حشرناكم يا مكذّبي هذه الأمة من كفرة مكة وغيرها مع مكذّبي الأمم السابقة في يوم واحد وصعيد واحد (فَإِنْ كانَ لَكُمْ كَيْدٌ فَكِيدُونِ) أي إذا كانت بيدكم حيلة فاستعملوها لتنجوا أنفسكم من العذاب ، وتخلّصوا من بطشي وانتقامي إذا استطعتم أيها المعاندون المكابرون. وهذا غاية التقريع والتوبيخ لهم (وَيْلٌ يَوْمَئِذٍ لِلْمُكَذِّبِينَ) بهذا الموقف الرهيب المخزي للكافرين.
* * *
(إِنَّ الْمُتَّقِينَ فِي ظِلالٍ وَعُيُونٍ (٤١) وَفَواكِهَ مِمَّا يَشْتَهُونَ (٤٢) كُلُوا وَاشْرَبُوا هَنِيئاً بِما كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ (٤٣) إِنَّا كَذلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ (٤٤) وَيْلٌ يَوْمَئِذٍ لِلْمُكَذِّبِينَ (٤٥))
٤١ ـ ٤٥ ـ (إِنَّ الْمُتَّقِينَ فِي ظِلالٍ وَعُيُونٍ ...) هنا يبيّن سبحانه حال المؤمنين الذين صدّقوا رسله وعملوا بطاعته وتجنّبوا معاصيه ، وأنهم يكونون في ظلال أشجار الجنة وعيونها جارية من حولهم (وَفَواكِهَ) أي ثمار (مِمَّا يَشْتَهُونَ) من الثمار التي يحبّونها وتهواها نفوسهم ، ويقال لهم : (كُلُوا وَاشْرَبُوا هَنِيئاً) أي يقال لهم بلسان الحال وبمعنى الإباحة : كلوا من الثمر خالصا من الكدر وتهنّأوا بأكلكم وشربكم (إِنَّا كَذلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ) أي نكافئ من أحسن إلى نفسه وإلى غيره من عبادنا بهذه العطايا السنيّة وننزله في الجنّة خالدا مخلّدا في نعيمها (وَيْلٌ يَوْمَئِذٍ لِلْمُكَذِّبِينَ) بوعدنا