فصبّوا عليّ ماء ، فأنزل الله عزوجل : (يا أَيُّهَا الْمُدَّثِّرُ). وفي رواية : فحييت منه فرقا حتى هويت إلى الأرض ، فجئت إلى أهلي فقلت : زمّلوني ، فنزل : (يا أَيُّهَا الْمُدَّثِّرُ قُمْ فَأَنْذِرْ وَرَبَّكَ فَكَبِّرْ) أي فعظّم ربّك سبحانه ، وقيل : كبّره في الصلاة بأن تقول : الله أكبر (وَثِيابَكَ فَطَهِّرْ) أي فطهّرها من النجاسات للصلاة. وقيل معناها : ونفسك فطهّر من الذنوب ، كما قيل : وثيابك فقصّر ، لأن تقصير الثوب يبعده عن النجاسة بعكس ما لو انجرّ على الأرض. وقد قال أمير المؤمنين عليهالسلام ـ كما في المجمع ـ : غسل الثياب يذهب الهمّ والحزن ، وهو طهور للصلاة. وتشمير الثياب طهور لها. وقد قال الله سبحانه : (وَثِيابَكَ فَطَهِّرْ) ، أي : فشمّر (وَالرُّجْزَ فَاهْجُرْ) أي اترك الأصنام والأوثان واهجرها واجتنبها تمام الاجتناب. وقال الكسائي. الرّجز بالضمّ : الصنم ، والرّجز بالكسر : العذاب (وَلا تَمْنُنْ تَسْتَكْثِرُ) يعني : لا تعط أحدا عطيّة ليعطيك أكثر منها. وهذه للنبي صلىاللهعليهوآله خاصة لأن الله تعالى أدّبه بأشرف الآداب. وقيل إن من معناها ، لا تمنن بعطائك على الناس مستكثرا ما أعطيتهم فإن المنّ يكدّر الصّنيعة (وَلِرَبِّكَ فَاصْبِرْ) أي فاصبر على تحمّل أذى المشركين والكافرين متقرّبا إلى وجه ربك ، أو أصبر على أداء الرسالة وما تلاقي من مشاق ، طالبا بذلك رضى الله تعالى.
٨ ـ ١٠ ـ (فَإِذا نُقِرَ فِي النَّاقُورِ ، فَذلِكَ يَوْمَئِذٍ يَوْمٌ عَسِيرٌ ...) أي إذا نفخ في الصور وقد مرّ تفسير مثلها في النفخة الأولى التي هي أول الشدائد والأهوال ، وقيل بل إذا نفخ فيه النفخة الثانية لبعث الخلائق وإحيائهم ، فذلك اليوم يكون عسيرا : صعبا شديدا (عَلَى الْكافِرِينَ غَيْرُ يَسِيرٍ) أي غير هينّ ولا سهل لما يرون من سوء العاقبة التي تنتظرهم.
* * *
(ذَرْنِي وَمَنْ خَلَقْتُ