عَنْها بِغائِبِينَ (١٦) وَما أَدْراكَ ما يَوْمُ الدِّينِ (١٧) ثُمَّ ما أَدْراكَ ما يَوْمُ الدِّينِ (١٨) يَوْمَ لا تَمْلِكُ نَفْسٌ لِنَفْسٍ شَيْئاً وَالْأَمْرُ يَوْمَئِذٍ لِلَّهِ (١٩))
١٣ ـ آخر السورة ـ (إِنَّ الْأَبْرارَ لَفِي نَعِيمٍ ...) فصّل سبحانه هنا حالة الناس فأكّد أن الأبرار : المؤمنين المطيعين من أوليائه وعباده الصالحين ، يكونون منعّمين بنعيم الجنّة (وَإِنَّ الْفُجَّارَ لَفِي جَحِيمٍ) أي وإن الكفّار المكذّبين للنبيّ صلىاللهعليهوآله العاصين لأوامر ربّهم في الجحيم : أي النار العظيمة الاشتعال والحرارة (يَصْلَوْنَها يَوْمَ الدِّينِ) يعني يكونون فيها معرّضين لحرّها ويلزمونها يوم القيامة (وَما هُمْ عَنْها بِغائِبِينَ) لا يغيبون عنها ولا يغيّبون لأنهم مؤبّدون في عذابها. وفي هذه الآية الكريمة دليل على أن أهل الكبائر من المسلمين لا يخلّدون في النار ، لأنه تعالى ذكر المكذّبين بالدّين لا المعترفين به (وَما أَدْراكَ ما يَوْمُ الدِّينِ) أي وما حدّ معرفتك عن يوم الدّين ، وماذا تدري من شأنه : (ثُمَّ ما أَدْراكَ ما يَوْمُ الدِّينِ) كرّرها سبحانه تعظيما لشأنه وتنبيها لشدته وعظيم حاله وكبير أهواله ، فذلك (يَوْمَ لا تَمْلِكُ نَفْسٌ لِنَفْسٍ شَيْئاً) أي لا يملك حق الدفاع عن مستحقّي العذاب أحد ، ولا تقدّم نفس لنفس نفعا بل كلّ امرئ بما كسب رهين (وَالْأَمْرُ يَوْمَئِذٍ لِلَّهِ) فالحكم بيده سبحانه وهو يثيب ويعاقب ، ويعفو وينتقم. وعن أبي جعفر الباقر عليهالسلام ـ كما عن عمرو بن شمر ، عن جابر ـ أنه قال : إن الأمر يومئذ واليوم كلّه لله ، يا جابر ، إذا كان يوم القيامة بادت الحكام ، فلم يبق حاكم إلّا الله ... أما إذا قيل إنه لا يصح على هذا أن يشفع النبيّ صلىاللهعليهوآله؟ فالجواب أن الشفاعة تكون بأمر الله تعالى وبإذنه ، وهو قوله تبارك وتعالى : (وَلا يَشْفَعُونَ إِلَّا لِمَنِ ارْتَضى ...)
* * *