ارتكابهم للمعاصي وغرورهم بالدنيا الزائلة.
* * *
(أَلَمْ نُهْلِكِ الْأَوَّلِينَ (١٦) ثُمَّ نُتْبِعُهُمُ الْآخِرِينَ (١٧) كَذلِكَ نَفْعَلُ بِالْمُجْرِمِينَ (١٨) وَيْلٌ يَوْمَئِذٍ لِلْمُكَذِّبِينَ (١٩) أَلَمْ نَخْلُقْكُمْ مِنْ ماءٍ مَهِينٍ (٢٠) فَجَعَلْناهُ فِي قَرارٍ مَكِينٍ (٢١) إِلى قَدَرٍ مَعْلُومٍ (٢٢) فَقَدَرْنا فَنِعْمَ الْقادِرُونَ (٢٣) وَيْلٌ يَوْمَئِذٍ لِلْمُكَذِّبِينَ (٢٤))
١٦ ـ ١٩ ـ (أَلَمْ نُهْلِكِ الْأَوَّلِينَ ...) تابع سبحانه وعيده وتهديده للمكذّبين فقال سائلا منكرا مقرّرا : ألم نفن المكذّبين السابقين لكم ونقتلهم بالعذاب في الدنيا كما فعلنا بقوم نوح وعاد وثمود وغيّرهم من الأمم الكافرة الجاحدة (ثُمَّ نُتْبِعُهُمُ الْآخِرِينَ) أي نلحق بهم من بعدهم كقوم لوط وإبراهيم ومن سواهم. والفعل (نُتْبِعُهُمُ) غير معطوف على (نُهْلِكِ) ليكون مجزوما مثله ، ولكنه كلام مستأنف (كَذلِكَ نَفْعَلُ بِالْمُجْرِمِينَ) أي كفعلنا بهؤلاء ممّن تقدّم ويتأخر ، نفعل بمجرمي مكة ونقتلهم يوم بدر وفي غير تلك الواقعة (وَيْلٌ يَوْمَئِذٍ لِلْمُكَذِّبِينَ) أي ويل وتعس لهم يوم الجزاء حيث نجازيهم بأشد العذاب.
٢٠ ـ ٢٤ ـ (أَلَمْ نَخْلُقْكُمْ مِنْ ماءٍ مَهِينٍ ...) سؤال توبيخ وتقريع وإذلال ، يعني قد خلقناكم ، من ماء حقير قذر جعلنا منه هذا العقل الحصين وهذا الجسم التامّ القوام إلى جانب النّطق والإحساس وغيره ممّا يدل على الصانع الحكيم المدّبر القادر ، لأن ذلك الماء خلقناه (فَجَعَلْناهُ فِي قَرارٍ مَكِينٍ) يعنّي في الرحم محفوظا من العوامل الطبيعية المفسدة له وأبقيناه (إِلى قَدَرٍ مَعْلُومٍ) أي إلى وقت معيّن وهو مدة الحمل (فَقَدَرْنا) يعني قدّرنا خلقه ذكرا أو أنثى ، طويلا أو قصيرا ، أبيض أو أسمر