يقف عند حدّ ولا يتوب ، وهذا الانغماس في المعاصي يحجبه عن التفكير في أوامر ربّه فينكر البعث وغيره ، وقيل : ليفجر أمامه : أي ليفكر بما هو أمامه من البعث والحساب ويكذّب ، وأن الفجور هو التكذيب ، أي أنه يكذّب بما هو لاقيه فيعجّل بالمعصية ويسوّف بالتوبة ، ثم (يَسْئَلُ أَيَّانَ يَوْمُ الْقِيامَةِ) أي متى تكون القيامة والحساب؟ وهو لا يستفهم بمقدار ما يسخر من ذلك ويكذّب به ، وقد أجاب سبحانه على ذلك بقوله : (فَإِذا بَرِقَ الْبَصَرُ) أي شخص عند معاتبة الموت وانخطف فهو لا يطرق من شدة الفزع (وَخَسَفَ الْقَمَرُ) ذهب نوره (وَجُمِعَ الشَّمْسُ وَالْقَمَرُ) جمع بينهما بذهاب الضوء وتمام الخسوف والكسوف حيث تلفّ الأرض ظلمة هائلة ، ف (يَقُولُ الْإِنْسانُ) المنكر ليوم البعث (يَوْمَئِذٍ) في ذلك اليوم : (أَيْنَ الْمَفَرُّ) أي إلى أين المهرب؟ فيجيبه الكلام القدسيّ : (كَلَّا لا وَزَرَ) أي لا مهرب تهربون إليه ، ولأن الوزر ما يحصّن به كالجبل وغيره ، ومنه الوزير الذي يلجأ إليه في المهامّ (إِلى رَبِّكَ يَوْمَئِذٍ الْمُسْتَقَرُّ) أي أن المنتهى في ذلك اليوم إلى ربّك سبحانه وتعالى ، وهم صائرون إلى حكمه وأمره يوم (يُنَبَّؤُا الْإِنْسانُ) يخبّر (بِما قَدَّمَ وَأَخَّرَ) بأول عمله وآخره فيجازى بحسبه ، وقيل معناه بما قدّم من عمل قام به ، وبما أخّر ممّا سنّة فعمل به غيره بعد مماته (بَلِ الْإِنْسانُ عَلى نَفْسِهِ بَصِيرَةٌ) ذلك أنه يعرف ما قدّم وما أخّر. مضافا إلى أن جوارحه تشهد عليه بذلك فهو شاهد على نفسه بعلمه بما عمل وبشهادة جوارحه عليه. وما أحسن ما قاله القتيبي من أن الإنسان ها هنا هو الجوارح التي تشهد عليه ولذلك أنّث (بَصِيرَةٌ) وإن كان الأخفش قد قال هي كقولك : فلان حجة ، وهذا الأمر عبرة. وفي العياشي عن محمد بن مسلم ، عن أبي عبد الله عليهالسلام قال : ما يصنع أحدكم إن يظهر حسنا ويسرّ سيئا ، أليس إذا رجع الى نفسه يعلم أنه ليس كذلك ، والله سبحانه ، يقول : بل الإنسان على نفسه بصيرة. إن السّريرة إذا أصلحت قويت العلانية (وَلَوْ أَلْقى مَعاذِيرَهُ) يعني ولو