الْمُنْشِؤُنَ) أي المبتدئون بإيجاده؟ بل نحن إذ لا أحد يدّعي أن خلق شجرا ولا نارا ولا ما سوى ذلك مما يوقد (نَحْنُ جَعَلْناها تَذْكِرَةً) أي جعلنا هذه النار عبرة لنار جهنّم لتتذكّروا وتتدبّروا بأن من جعل من الشجر الأخضر نارا قادر على خلق نار جهنّم ليجازي بها العصاة والمتمرّدين فقد جعلنا نار الدنيا تذكرة من جهة (وَمَتاعاً لِلْمُقْوِينَ) من جهة ثانية ، أي منفعة للمسافرين والمقيمين ممّن يستمتعون بها من ضياء واصطلاء وطبخ وخبز وغير ذلك. والمقوي من الأضداد لأنه مرة يدل على ذي القوّة والمال ، ومرة يدل على الفقير الذي ذهب ماله ونزل بالقواء من الأرض. فالنار متاع للأغنياء والفقراء على السواء (فَسَبِّحْ بِاسْمِ رَبِّكَ الْعَظِيمِ) أي فنزّهه سبحانه وبرّئه ممّا يصفه به الظالمون. وقيل معناه : قل : سبحان ربّي العظيم وبحمده. وقد صح أن النبيّ صلىاللهعليهوآله لما نزلت هذه الآية قال : اجعلوها في ركوعكم.
* * *
(فَلا أُقْسِمُ بِمَواقِعِ النُّجُومِ (٧٥) وَإِنَّهُ لَقَسَمٌ لَوْ تَعْلَمُونَ عَظِيمٌ (٧٦) إِنَّهُ لَقُرْآنٌ كَرِيمٌ (٧٧) فِي كِتابٍ مَكْنُونٍ (٧٨) لا يَمَسُّهُ إِلاَّ الْمُطَهَّرُونَ (٧٩) تَنْزِيلٌ مِنْ رَبِّ الْعالَمِينَ (٨٠) أَفَبِهذَا الْحَدِيثِ أَنْتُمْ مُدْهِنُونَ (٨١) وَتَجْعَلُونَ رِزْقَكُمْ أَنَّكُمْ تُكَذِّبُونَ (٨٢))
٧٥ إلى ٨٢ ـ (فَلا أُقْسِمُ بِمَواقِعِ النُّجُومِ ...) أكّد سبحانه ما ذكره سابقا بهذا القول. و «لا» زائدة ، أي : أقسم بمواقع النجوم ، وهي مطالعها ومساقطها وقيل إنه عنى الأنواء لأن أهل الجاهلية كانوا يقولون