القيد وشدّوا إحدى يديه وإحدى رجليه إلى عنقه بسلاسل من نار (ثُمَّ الْجَحِيمَ صَلُّوهُ) أي أدخلوه النار وأذيقوه حرّها ولهبها (ثُمَّ فِي سِلْسِلَةٍ ذَرْعُها سَبْعُونَ ذِراعاً فَاسْلُكُوهُ) أي اجعلوه ملفوفا في سلسلة طولها سبعون ذراعا. وقال سويد بن نجيع : إن جميع أهل النار في تلك السلسلة ، ولو أن حلقة منها وضعت على جبل لذاب من حرّها ، وقد ذكر سبحانه وتعالى سبب استحقاقه لهذا العذاب الشديد فقال : (إِنَّهُ كانَ لا يُؤْمِنُ بِاللهِ الْعَظِيمِ) أي أنه كان لا يصدق بوحدانية الله تعالى في دار التكليف (وَلا يَحُضُّ عَلى طَعامِ الْمِسْكِينِ) أي أنه كان لا يحث الناس على إعطاء الزكاة للمحتاجين ولا يتصدق على الفقراء (فَلَيْسَ لَهُ الْيَوْمَ هاهُنا حَمِيمٌ) أي ليس له صديق تفيده صداقته يوم القيامة (وَلا طَعامٌ إِلَّا مِنْ غِسْلِينٍ) أي وليس له أكل إلّا من صديد أهل النار وما يجري منهم من قيح ودماء وغيرهما. وقيل إن أهل النار درجات ، فمنهم من طعامه الغسلين ، ومنهم من طعامه الزّقوم ، ومنهم من طعامه الضريع (لا يَأْكُلُهُ إِلَّا الْخاطِؤُنَ) أي لا يأكل الغسلين المذكور إلّا المذنبون المتعمّدون الجائرون عن طريق الحق ، وهم العصاة والمعاندون الكافرون.
* * *
(فَلا أُقْسِمُ بِما تُبْصِرُونَ (٣٨) وَما لا تُبْصِرُونَ (٣٩) إِنَّهُ لَقَوْلُ رَسُولٍ كَرِيمٍ (٤٠) وَما هُوَ بِقَوْلِ شاعِرٍ قَلِيلاً ما تُؤْمِنُونَ (٤١) وَلا بِقَوْلِ كاهِنٍ قَلِيلاً ما تَذَكَّرُونَ (٤٢) تَنْزِيلٌ مِنْ رَبِّ الْعالَمِينَ (٤٣) وَلَوْ تَقَوَّلَ عَلَيْنا بَعْضَ الْأَقاوِيلِ (٤٤) لَأَخَذْنا مِنْهُ بِالْيَمِينِ (٤٥) ثُمَّ لَقَطَعْنا مِنْهُ الْوَتِينَ (٤٦) فَما مِنْكُمْ مِنْ أَحَدٍ عَنْهُ حاجِزِينَ (٤٧) وَإِنَّهُ لَتَذْكِرَةٌ لِلْمُتَّقِينَ (٤٨) وَإِنَّا لَنَعْلَمُ أَنَّ مِنْكُمْ مُكَذِّبِينَ (٤٩) وَإِنَّهُ لَحَسْرَةٌ عَلَى