الشِّتاءِ وَالصَّيْفِ) في محل نصب بوقوع (الإيلاف) عليها. وقد كانت لقريش رحلتان تجاريتان تربح منهما مرابح طائلة : رحلة في الشتاء إلى اليمن لأنها بلاد حارّة ، ورحلة في الصيف إلى الشام لأنها بلاد باردة. وقيل إن الرحلتين كانت إلى الشام ولكنهم كانوا في الشتاء يسلكون طريق البحر وأيلة طلبا لدفء السواحل ، ويسلكون في الصيف طريق بصرى خوفا من الحرّ الشديد (فَلْيَعْبُدُوا رَبَّ هذَا الْبَيْتِ) أمر منه سبحانه بأن تكون عبادتهم موجهة لربّ الكعبة المقدّسة التي حماها الله لهم بآية من آياته العجيبة على مرأىّ منهم ومسمع ، فإنه هو الذي ألّف بينهم من حول ذلك البيت الحرام وأغناهم في رحلتيهم ، وهو (الَّذِي أَطْعَمَهُمْ مِنْ جُوعٍ وَآمَنَهُمْ مِنْ خَوْفٍ) أطعمهم بما فتح عليهم من الأرزاق في رحلاتهم ، وآمنهم بأن لم يتعرّض لهم أحد في أسفارهم إذا قالوا له : نحن أهل حرم الله. فقد كان يصاب حيّ من أحياء العرب فيقال لمن يصيبه : هو حيّ حرميّ ، فيخلّي عنه وعن أمواله تعظيما للحرم ، ولذلك لم يكن بنو أب أكثر مالا ولا أعزّ من قريش كما في المجمع.
* * *