ذلك الملك ، وهو (يُحْيِي وَيُمِيتُ) ويقضي بذلك فيحيي الأموات للبعث ، ويميت الأحياء في الدنيا (وَهُوَ عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ) أي أنه قادر على الموجودات ، وقادر على المعدومات بأن ينشئ ما يشاء كما يريد ، وهو الذي يهب القدرة للعباد وبقية المخلوقات ويسلبها منهم متى شاء ، و (هُوَ الْأَوَّلُ) لأنه القديم الأزليّ وما عداه محدث ، وهو (الْآخِرُ) الباقي بعد فناء كلّ شيء يبقى وحده بلا انتهاء لأنه كان قبل القبل ويبقى بعد البعد ولم يزل ولا يزال (وَالظَّاهِرُ) الغالب لكلّ شيء ، وكلّ شيء دونه (وَالْباطِنُ) العالم فلا أعلم منه. وقيل إنه الظاهر بالشواهد والأدلة ، والباطن الخبير العالم ، كما قيل : إنه العالم بما ظهر وبما بطن ، وأنه الأول بالأزليّة ، والآخر بالأبدية ، والظاهر بالأحديّة والباطن بالعمديّة (وَهُوَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ) لأنه عالم لذاته.
* * *
(هُوَ الَّذِي خَلَقَ السَّماواتِ وَالْأَرْضَ فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ ثُمَّ اسْتَوى عَلَى الْعَرْشِ يَعْلَمُ ما يَلِجُ فِي الْأَرْضِ وَما يَخْرُجُ مِنْها وَما يَنْزِلُ مِنَ السَّماءِ وَما يَعْرُجُ فِيها وَهُوَ مَعَكُمْ أَيْنَ ما كُنْتُمْ وَاللهُ بِما تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ (٤) لَهُ مُلْكُ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ وَإِلَى اللهِ تُرْجَعُ الْأُمُورُ (٥) يُولِجُ اللَّيْلَ فِي النَّهارِ وَيُولِجُ النَّهارَ فِي اللَّيْلِ وَهُوَ عَلِيمٌ بِذاتِ الصُّدُورِ (٦))
٤ إلى ٦ ـ (هُوَ الَّذِي خَلَقَ السَّماواتِ وَالْأَرْضَ ...) أي أنه خلقهما سبحانه بما فيهما (فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ) وقد كان يستطيع أن يخلقهما في لحظة واحدة لأنه قادر لذاته ، وقد فعل ذلك ليري ملائكته وعباده ما في ذلك من مصلحة ظهور شيء بعد شيء ، وما في ذلك من حسن النظام والتدبير ، فقد أوجدهما هكذا (ثُمَّ اسْتَوى عَلَى الْعَرْشِ) أي استولى على الملك