٧ ـ ١٠ ـ (يُوفُونَ بِالنَّذْرِ وَيَخافُونَ يَوْماً ...) أي إذا نذروا طاعة لله وفوا بها وأدّوا الطاعة على أكملها. والإيفاء بالنذر هو فعل ما نذر عليه إذا استجيب نذره ، فهم يفعلون ذلك على أتمّه (وَيَخافُونَ يَوْماً كانَ شَرُّهُ مُسْتَطِيراً) أي يخشون شرّ يوم بلغ الشرّ فيه الغاية القصوى وانتشر في كل الجهات كأنه يتطاير في الآفاق. وشرّ يوم القيامة هو العذاب الذي سمّاه سبحانه شرّا لأنه لا خير فيه ، أو هي أهواله الضاربة في كل مكان والموجودة في كل موقف (وَيُطْعِمُونَ الطَّعامَ عَلى حُبِّهِ) أي يطعمونه للآخرين مع أنهم شديد والحبّ له والرغبة فيه ، وهذا معناه أنهم يؤثرون المستحقين على أنفسهم. وروى أبو سعيد الخدري أن النبيّ صلىاللهعليهوآله قال : ما من مسلم أطعم مسلما على جوع ، إلّا أطعمه الله من ثمار الجنّة ، وما من مسلم كسا أخاه على عري ، إلّا كساه الله من خضر الجنّة ، ومن سقى مسلما على ظمأ سقاه الله من الرحيق.
فهؤلاء عليهمالسلام رغم حبّهم للطعام وشهوتهم إليه ، يطعمون (مِسْكِيناً) أي فقيرا لا شيء له يطلب الطعام (وَيَتِيماً) لا والد له وهو من الأطفال غير القادرين (وَأَسِيراً) وهو المأخوذ أسرا من دار الحرب ، ويقولون في أنفسهم : (إِنَّما نُطْعِمُكُمْ لِوَجْهِ اللهِ) أي طعاما خالصا مخلصا لله دون رياء ودون طلب جزاء (لا نُرِيدُ مِنْكُمْ جَزاءً وَلا شُكُوراً) على إطعامنا لكم ، فلا نطلب المكافأة العاجلة ولا نطلب شكركم لنا من أجله إذ جعلناه خالصا لله تعالى (إِنَّا نَخافُ مِنْ رَبِّنا يَوْماً عَبُوساً قَمْطَرِيراً) أي نخاف عذاب يوم تقطّب فيه وجوه الكافرين خوفا وهلعا فيبدو اليوم نفسه مكفهرّا غاضبا (قَمْطَرِيراً) صعبا شديدا لأنه يقلّص الوجوه ويقبض الجباه وما بين الأعين.
* * *
(فَوَقاهُمُ اللهُ شَرَّ ذلِكَ الْيَوْمِ وَلَقَّاهُمْ