ساقية وعرقوبيه ويقول : يا أيّها الناس إنه كذّاب فلا تصدّقوه. فقلت : من هذا؟ فقالوا : هذا محمد يزعم أنه نبيّ ، وهذا عمّه أبو لهب يزعم أنه كذّاب. وأما اسمه فهو عبد العزى ، وقد ذكر الله سبحانه كنيته لأنه كره أن ينسبه إلى العزى التي هي صنم ، وقيل إنه كان يكنّى بذلك لحسن وجهه ـ قبّحه الله ـ واشراق منظره وأن وجنّتيه كانتا كأنهما تلتهبان فأبو لهب هذا مصيره إلى التباب والهلاك في جهنم في الآخرة ، وليس يغني عنه ماله ولا كسبه ، ولا يدفع ذلك عنه عذابا ولا ينفعه في تخفيف ألم. وقيل إنه سبحانه ذكر ماله وما كسب ، لأن النبيّ صلىاللهعليهوآله أنذره بالنار إن بقي على كفره وعناده ، فقال له : إن كان ما تقول حقّا فإني أفتدي بمالي وولدي ، ومن أجل ذلك أكدّ سبحانه بقوله : (سَيَصْلى ناراً ذاتَ لَهَبٍ) أي سيدخل نارا ذات اشتعال واتّقاد شديد ، وهي نار جهنّم. وفي هذه الآية الشريفة دلالة واضحة على صدق الوحي ، وعلى صدق نبوّة سيّدنا ونبيّنا محمد صلىاللهعليهوآله لأن أبا لهب مات على كفره وعناده وكان كما قال الوحي وكما قال محمد (ص) ولو لا صدق ذلك لكان ربّما تغيرت حاله فخاف وتاب وأناب ، ولكنّ صدق الله ورسوله فقد خسر هو (وَامْرَأَتُهُ) التي هم أم جميل بنت حرب ، أخت أبي سفيان رأس الشّقاق والنّفاق ، فلا غرو أن تكون مثله ، وقد ذمّها سبحانه بأن وصف كونها (حَمَّالَةَ الْحَطَبِ) بسبب أنها كانت تحمل الشوك فتطرحه في طريق رسول الله صلىاللهعليهوآله إذا خرج الى الصلاة ليعقر رجليه الشريفتين إلى جانب أنها كانت تمشي بين الناس بالنميمة وتوقع بينهم الفتن وتبثّ الضغائن وتحتطب بذلك السيئات وتحمل وزر العداوة التي تلقيها بين الناس وتشعل نارها كما توقّد النار بالحطب ، فهي حمّالة خطايا كما أنها حمالة حطب شائك تؤذي به الرسول (ص) ولذلك فإنها من أهل النار حيث يكون (فِي جِيدِها حَبْلٌ مِنْ مَسَدٍ) أي يكون في عنقها حبل كحبل الليف ولكنه من سلاسل النار إذلالا لها وخزيا لصنيعها في دار الدنيا. وقد وصفها جلّ وعلا بذلك