أُولئِكَ كَتَبَ فِي قُلُوبِهِمُ الْإِيمانَ وَأَيَّدَهُمْ بِرُوحٍ مِنْهُ وَيُدْخِلُهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهارُ خالِدِينَ فِيها رَضِيَ اللهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ أُولئِكَ حِزْبُ اللهِ أَلا إِنَّ حِزْبَ اللهِ هُمُ الْمُفْلِحُونَ (٢٢))
٢٠ إلى ٢٢ ـ (إِنَّ الَّذِينَ يُحَادُّونَ اللهَ وَرَسُولَهُ ...) أي الذين يخالفونهما في الحدود التي وضعها الله تعالى لمعالم دينه ، وهم المنافقون و (أُولئِكَ فِي الْأَذَلِّينَ) أي أنهم بمشيئة الله عزوجل في صنف الأذلّة في الدنيا وفي الآخرة مع الخزي العظيم ، ذلك إذ (كَتَبَ اللهُ) في اللّوح المحفوظ وقدّر وذلك لا بدّ أن يكون ، وهو (لَأَغْلِبَنَّ أَنَا وَرُسُلِي) لننتصرنّ على الكفّار والمنافقين. وهذا يجري مجرى القسم المؤكّد لأنه أجاب عليه بجواب القسم المؤكّد باللام ونون التوكيد ، فلنغلبنّهم بالحجج والبراهين وفي حربهم ، فإنه ما أمر سبحانه بحرب إلّا غلب إن عاجلا أو آجلا (إِنَّ اللهَ قَوِيٌ) قادر قاهر (عَزِيزٌ) منيع غالب لمن خاصم أنبياءه وأولياءه (لا تَجِدُ قَوْماً يُؤْمِنُونَ بِاللهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ) أي يصدّقون بوحدانيّة الله سبحانه وبالبعث والحساب والثواب والعقاب ثم (يُوادُّونَ) يوالون ويحبّون (مَنْ حَادَّ اللهَ وَرَسُولَهُ) من خالفهما ولم يعمل بأوامرهما ، إذ لا تجتمع موالاة الكفّار مع الإيمان مطلقا (وَلَوْ كانُوا آباءَهُمْ أَوْ أَبْناءَهُمْ أَوْ إِخْوانَهُمْ أَوْ عَشِيرَتَهُمْ) يعني مهما قربت قرابتهم منهم ، فإنهم يتبرّءون منهم لأنهم أعداء الله ورسوله. وقيل إن هذه الآية نزلت في حاطب بن أبي بلتعة الذي كتب إلى أهل مكة كتابا يخبرهم فيه يتوجّه رسول الله صلىاللهعليهوآله إلى مكّة ليفتحها ، ثم لمّا صادر الإمام عليّ عليهالسلام الكتاب في الطريق بأمر من رسول الله (ص) الذي علم به من جبرائيل (ع) اعترف حاطب أمام النبيّ (ص) واعتذر بأن أهله بمكة وأقاربه فيها وأراد أن يصنع يدا مع الكفّار ليرفقوا بأهله وأقاربه. فالمؤمنون لا يوالون الكفّار في حال من الأحوال ، إذ (أُولئِكَ كَتَبَ فِي قُلُوبِهِمُ الْإِيمانَ) أي ثبّته فيها بلطفه فصار كأنه مكتوبا