أَدْبَرَ يَسْعى (٢٢) فَحَشَرَ فَنادى (٢٣) فَقالَ أَنَا رَبُّكُمُ الْأَعْلى (٢٤) فَأَخَذَهُ اللهُ نَكالَ الْآخِرَةِ وَالْأُولى (٢٥) إِنَّ فِي ذلِكَ لَعِبْرَةً لِمَنْ يَخْشى (٢٦))
١٥ ـ ٢٦ ـ (هَلْ أَتاكَ حَدِيثُ مُوسى إِذْ ناداهُ رَبُّهُ ...) إكمالا لفائدة تفصيل حال الكفّار في الآخرة وأخذ العبرة في الدنيا ، ذكر سبحانه قصة موسى عليهالسلام مع قومه في استفهام أراد به التقرير ، أي : يا محمد قد أتاك حديث موسى وعرفت قصّته (إِذْ ناداهُ رَبُّهُ) حيث ناداه تعالى اسمه فقال له : يا موسى (بِالْوادِ الْمُقَدَّسِ طُوىً) أي حينما كان في طوى ـ وهو اسم الوادي ـ المطهّر بما ظهر فيه من آيات الله العظمى إذ أمره بقوله : (اذْهَبْ إِلى فِرْعَوْنَ إِنَّهُ طَغى) أي رح إليه فإنه تكبّر وعلا وتجاوز الحدّ في الكفر والاستعلاء (فَقُلْ هَلْ لَكَ إِلى أَنْ تَزَكَّى) أي اسأله قائلا : هل لك أن تتطهّر من الشّرك والكفر بشهادة لا إله إلّا الله ، وهل ترغب في الإسلام؟ (وَأَهْدِيَكَ إِلى رَبِّكَ) أدلّك إلى معرفته جلّ وعلا فتسلك الطريق التي تؤدّي إلى ثوابه (فَتَخْشى) فتخاف على نفسك وتقلع عمّا أنت فيه من الحال؟ (فَأَراهُ الْآيَةَ الْكُبْرى) أي أن موسى عليهالسلام أرى فرعون آية العصا (فَكَذَّبَ) فرعون وأنكر كونها آية من الله تعالى (وَعَصى) خالف نبيّ الله وكذّب بنبوّته (ثُمَّ أَدْبَرَ) أي أشاح بوجهه عن آية ربّه وولّى دبره ليفكّر بما يردّ به معجزة موسى ، ومضى (يَسْعى) في الفساد كعادته. وقيل إنه لمّا رأى الحية أدبر منفتلا وهرب ساعيا للنجاة ، والأول أصحّ (فَحَشَرَ فَنادى) أي فجمع قومه وجنوده وصرخ فيهم : (فَقالَ أَنَا رَبُّكُمُ الْأَعْلى) أي أنني لا ربّ لكم فوقي ، وبيدي ضرركم ونفعكم (فَأَخَذَهُ اللهُ نَكالَ الْآخِرَةِ وَالْأُولى) أي أخذه وأهلكه بالغرق ونكلّ به نكالا وأعدّ له نكالا في الآخرة. والنكال مصدر (نكل) إذا حارب الآخرين وفعل بهم الأفاعيل من العذاب. وفي المجمع عن أبي جعفر عليهالسلام أنه كان بين الكلمتين أربعون سنة ، وعن ابن عباس قال : قال موسى عليهالسلام : يا رب إنك أمهلت