لم ينخرم مرة من المرات فى يوم واحد من الأيام. اقرأ ما نزل فى شأنهم من قوله سبحانه فى سورة آل عمران : (لَنْ يَضُرُّوكُمْ إِلَّا أَذىً. وَإِنْ يُقاتِلُوكُمْ يُوَلُّوكُمُ الْأَدْبارَ. ثُمَّ لا يُنْصَرُونَ* ضُرِبَتْ عَلَيْهِمُ الذِّلَّةُ أَيْنَ ما ثُقِفُوا إِلَّا بِحَبْلٍ مِنَ اللهِ وَحَبْلٍ مِنَ النَّاسِ. وَباؤُ بِغَضَبٍ مِنَ اللهِ. وَضُرِبَتْ عَلَيْهِمُ الْمَسْكَنَةُ). ثم انظر كم تنبؤا فى هذا النظم الكريم ، وضعه الله كأنه الأغلال فى عنق هذا الشعب الماكر اللئيم؟ ألست ترى فيه أنهم لا يستطيعون أن ينالوا من المسلمين بالحرب والقتل والأسر؟ إنما ضررهم أذى بالغدر وبسوء الاستغلال والمكر. وعلى فرض أنهم يقاتلون المسلمين ، فسيلوذون حينئذ بالفرار ، ويولون الأدبار ، ولا سبيل لهم فى المستقبل إلى الانتصار ثم إن الذلة قد ضربت عليهم كما يضرب الحجر على السفهاء لا يستطيعون الفكاك إلا إن دخلوا فى عهد من الله أو عهد من الناس. ثم إن المسكنة وهى خوف الفقر قد ضربت عليهم كذلك ، فهم أشد الشعوب خوفا من الفقر ، ولذلك كانوا أشدها طمعا وشرها فى جمع الدنيا ، لا يعرفون القناعة وإن غرقوا فى المال إلى أم رءوسهم ، ولا يتورعون عن الجرى وراء الدنايا بأحط الوسائل ، وإن كانوا يملكون الآن ما يقرب من نصف ثروة العالم!.
ثم اقرأ فى شأن هذه الطائفة قول الله تعالى فى سورة الأعراف : (وَإِذْ تَأَذَّنَ رَبُّكَ لَيَبْعَثَنَّ عَلَيْهِمْ إِلى يَوْمِ الْقِيامَةِ مَنْ يَسُومُهُمْ سُوءَ الْعَذابِ). وخبرنى ألست تقرأ فى هذا النص الكريم ، صكا مسجلا بعبودية هؤلاء وذلتهم إلى الأبد؟ ثم ألست ترى أن تداول القرون والأحقاب من لدن نزول القرآن إلى اليوم لم يزد هذا التنبؤ إلا تصديقا وتحقيقا ، ما خرمه مرة وإنما أشبعه إعجازا وتأبيدا؟. إن كنت فى شك فسل التاريخ قديمه وحديثه ، أو فاستمع إلى صوت المآسى الماثلة القريبة ، ثم قل : صدق الله. ما القرآن إلا كلامه ، وما محمد إلا عبده ورسوله!.
وإليك مثالا آخر فى شأن هؤلاء أبدع فى الإعجاز وأروع.
(المثال العاشر) تحدى القرآن لأعداء الله اليهود فى شىء يظهر أنه سهل بسيط ، وأنه