بهذه الشهادة ينجح العالم كله
شهادة هذا شأنها ، وهذا شأن من شهد بها ، جديرة أن ينجح بها العالم حين يتلقاها بالقبول ، كما يتلقى بالقبول شهادة لجان التحكيم فى هذا العصر ، ثقة منه بأنهم فنيون يحسنون المقارنة والموازنة ، واطمئنانا إلى أنهم عادلون لا يعرفون المحاباة والمداهنة. بل شهادة أولئك العرب أزكى وأطهر ، وأحكم وأقوم ؛ لأنها صدرت عن أعداء القرآن حين نزوله ، بعد محاولات ، ومصاولات ، مخضتهم مخضا عنيفا ، وأفحمتهم إفحاما سريرا. «والفضل ما شهدت به الأعداء».
أسلوب القرآن وأسلوب الحديث النبوى
ومما يفيد فى هذا المقام ويدفع التلبيس ، أن تعرف بعد ما بين أسلوب القرآن وأسلوب الحديث النبوى الشريف. ولا أدل على ذلك من أن بين يدى التاريخ إلى يوم الناس هذا آلافا مؤلفة من كتب السنة ، تملأ دور الكتب فى الشرق والغرب ، وتنادى كل من له إلمام وذوق فى البيان العربى : أن هلم لتحس بحاستك البيانية ، المدى البعيد بين أسلوبى القرآن والحديث ، ولتؤمن عن وجدان بأن أسلوب التنزيل أعلى وأجل من أسلوب الأحاديث النبوية ، علوا خارقا للعادة ، خارجا عن محيط الطاقة البشرية ، وإن بلغ كلام الرسول صلىاللهعليهوسلم فى جودته وروعته وجلالته ، ما جعله خير بيان لخير إنسان.
غير أن هذه الفوارق ـ كما قلنا ـ فوارق فنية لا يدركها إلا الذين أوتوا حظا عظيما من معرفة اللسان العربى والذوق العربى. ولقد نزل القرآن أول ما نزل ، على أمة العرب وهم مطبوعون على اللغة الفصحى ، منقطعون لإحيائها وترقيتها. وكانوا يتفاضلون بينهم بالتفوق فى علو البيان وفصاحة اللسان ، حتى بلغ من تقديسهم لهذا أنهم كانوا يقيمون المعارض العامة للتفاخر والتفاضل بفصيح المنظوم وبليغ المنثور ، وحتى إن القبيلة كان يرفعها بيت