(خامسا) أن محمدا كان رجلا عظيما بشهادة هؤلاء الطاعنين. وصاحب هذه العظمة البشرية يستحيل أن يكون ممن يرمى الكلام على عواهنه خصوصا أنه رجل مسئول فى موقف الخصومة بينه وبين أعداء ألداء فما يكون له أن يرجم بالغيب ويقامر بنفسه وبدعوته ، وهو لا يضمن الأيام وما تأتى به مما ليس فى الحسبان.
(سادسا) أنه على فرض رجمه بالغيب جزافا من غير حجة ، يستحيل فى مجرى العادة أن يتحقق كل ما جاء به مع هذه الكثرة. بل كان يخطئ ولو مرة واحدة ، إما فى غيوب الماضى أو الحاضر أو المستقبل. لكنه لم يخطئ فى واحدة منها على كثرتها وتنوعها.
(سابعا) أن هذه الأنباء الغيبية ليست فى كثرتها مما يصلح أن يكون مجالا للرأى ، ثم إن ما يصلح أن يكون مجالا للرأى أخبر محمد صلىاللهعليهوسلم فى بعضه بغير ما يقضى به طاهر الرأى والاجتهاد. انظر ما ذكرناه تحت عنوان أنباء الغيب من هذا المبحث. وتأمل نبوءة انتصار الروم على الفرس وانتصار المسلمين على المشركين فى وقت لم تتوافر فيه عوامل هذه الانتصار كما بينا سابقا.
الشبهة السابعة ودفعها :
يقولون : إن ما تذكرونه من علوم القرآن ومعارفه وتشريعاته الكاملة ، لا يستقيم أن يكون وجها من وجوه الإعجاز. فهذا سولون اليونانى وضع وحده قانونا وافيا كان موضع التقدير والإجلال والطاعة وما قال أحد إنه أتى بذلك معجزة ولا إنه صار بهذا التشريع نبيا.
وندفع هذه الشبهة (أولا) بأن البون شاسع بين ما جاء به القرآن وما جاء به هذا القانون السولونى اليونانى. ونحن نتحداهم أن يثبتوا لنا كماله ووفاءه بكافة ضروب الإصلاح البشرى على نحو ما شرحنا سابقا بالنسبة إلى القرآن الكريم.