ب ـ شبهات المنكرين للنسخ سمعا
لقد نوعنا هؤلاء فيما سبق إلى أنواع. وقلنا : إن لكل منهم طريقة خاصة فى تكييف دعواه وفى صياغة شبهته. وها هي ذى دعاويهم وشبهاتهم تلقى حتفها بين يديك ، فيما نسوقه إليك.
١ ـ شبهة العنانية والشمعونية :
يقولون : إن التوراة التى أنزلها الله على موسى ، لم تزل محفوظة لدينا ، منقولة بالتواتر فيما بيننا ، وقد جاء فيها : «هذه شريعة مؤبدة ما دامت السموات والأرض» وجاء فيها أيضا : «الزموا يوم السبت أبدا». وذلك يفيد امتناع النسخ ، لأن نسخ شىء من أحكام التوراة لا سيما تعظيم يوم السبت ، إبطال لما هو من عنده تعالى.
وندفع هذه الشبهة بوجوه خمسة :
(أولها) أن شهتهم هذه أقصر من مدعاهم قصورا بينا ، لأن قصارى ما تقتضيه ـ إن سلمت ـ هو امتناع نسخ شريعة موسى عليهالسلام بشريعة أخرى : أما تناسخ شرائع سواها ، فلا تدل هذه الشبهة على امتناعه. بل يبعد أن ينكر اليهود انتساخ شرائع الإسرائيليين قبل اليهودية بشريعة موسى. فكان المنظور أن تجىء دعواهم أقصر مما هو محكى عنهم بحيث تتكافأ ودليلهم الذى زعموه أو أن يجيء دليلهم الذى زعموه أعم من هذا حتى يتكافأ ودعواهم التى ادعوها.
(ثانيها) أنا لا نسلم لهم ما زعموه من أن التوراة لم تزل محفوظة فى أيديهم حتى يصح