قصار ، وأن مقدارها من آية أو آيات طويلة له حكم السورة ، وأن لأسلوب التنزيل سبع خواص لا توجد واحدة منها على كمالها فى أى كلام آخر ، كما بسطنا القول فى ذلك بالمبحث الآنف ... فيخلص لنا فى ضوء هذه الحقائق أن القرآن مشتمل على آلاف من المعجزات لا معجزة واحدة كما يبدو لبعض السذج والسطحيين؟. وإذا أضفنا إلى هذا ما يحمل القرآن من وجوه الإعجاز التالية ، تراءت لنا معجزات متنوعات شتى تجل عن الإحصاء والتعداد وسبحان من يجعل من الواحد كثرة ومن الفرد أمة! (أَوَلَمْ يَكْفِهِمْ أَنَّا أَنْزَلْنا عَلَيْكَ الْكِتابَ يُتْلى عَلَيْهِمْ. إِنَّ فِي ذلِكَ لَرَحْمَةً وَذِكْرى لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ). (لَوْ أَنْزَلْنا هذَا الْقُرْآنَ عَلى جَبَلٍ لَرَأَيْتَهُ خاشِعاً مُتَصَدِّعاً مِنْ خَشْيَةِ اللهِ). (وَلَوْ أَنَّ قُرْآناً سُيِّرَتْ بِهِ الْجِبالُ أَوْ قُطِّعَتْ بِهِ الْأَرْضُ أَوْ كُلِّمَ بِهِ الْمَوْتى) أى لكان هذا القرآن!.
معجزات القرآن خالدة
وهنا نلفت النظر إلى أن القرآن بما اشتمل عليه من هذه المعجزات الكثيرة ، قد كتب له الخلود ، فلم يذهب بذهاب الأيام ، ولم يمت بموت الرسول عليه الصلاة والسلام. بل هو قائم فى فم الدنيا يحاج كل مكذب ، ويتحدى كل منكر ويدعو أمم العالم جمعاء إلى ما فيه من هداية الإسلام وسعادة بنى الإنسان. ومن هذا يظهر الفرق جليا بين معجزات نبى الإسلام صلىاللهعليهوسلم ومعجزات إخوانه الأنبياء عليهم أزكى الصلاة وأتم السلام فمعجزات محمد فى القرآن وحده آلاف مؤلفة ، وهى متمتعة بالبقاء إلى اليوم وإلى ما بعد اليوم حتى يرث الله الأرض ومن عليها. أما معجزات سائر الرسل فمحدودة العدد ، قصيرة الأمد ، ذهبت بذهاب زمانهم ، وماتت بموتهم ، ومن يطلبها الآن ، لا يجدها إلا فى خبر كان ، ولا يسلم له شاهد بها إلا هذا القرآن؟. وتلك نعمة يمنها القرآن على سائر الكتب والرسل وما صح من الأديان كافة. قال تعالى : (وَأَنْزَلْنا إِلَيْكَ الْكِتابَ بِالْحَقِّ مُصَدِّقاً لِما بَيْنَ يَدَيْهِ مِنَ الْكِتابِ وَمُهَيْمِناً عَلَيْهِ). وقال عز اسمه. (آمَنَ الرَّسُولُ بِما أُنْزِلَ إِلَيْهِ مِنْ رَبِّهِ وَالْمُؤْمِنُونَ كُلٌّ آمَنَ بِاللهِ وَمَلائِكَتِهِ وَكُتُبِهِ وَرُسُلِهِ. لا نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِنْ رُسُلِهِ).