حجتهم وافتضح أمرهم ، وظهر أمر الله وهم كارهون.
بهذا يتبين لك أن القدر المعجز من القرآن هو ما يقدر بأقصر سورة منه ، وأن القائلين بأن المعجز هو كل القرآن لا بعضه وهم المعتزلة والقائلين بأن المعجز كل ما يصدق عليه أنه قرآن ولو كان أقل من سورة كل أولئك بمنأى عن الصواب ، وهم محجوجون بما بين يديك من الآيات.
معارضة القرآن
وهل أتاك نبأ الخصم إذ همّوا أن يعارضوا القرآن؟ فكان ما أتوا به باسم المعارضة ، لا يخرج عن أن يكون محاولات مضحكة مخجلة : أخجلتهم أمام الجماهير وأضحكت الجماهير منهم. فباءوا بغضب من الله وسخط من الناس. وكان مصرعهم هذا كسبا جديدا للحق ، وبرهانا ماديا على أن القرآن كلام الله القادر وحده ، لا يستطيع معارضته إنسان ولا جان.
ومن ارتاب فأمامه الميدان.
يذكر التاريخ أن مسيلمة الكذاب ؛ زعم أنه أوحى إليه بكلام كالقرآن. ثم طلع على الناس بهذا الهذر : إنا أعطيناك الجماهر* فصل لربك وجاهر وبهذا السخف :
والطاحنات طحنا ، والعاجنات عجنا ، والخابزات خبزا. وأنت خبير بأن مثل ذلك الإسفاف ليس من المعارضة فى قليل ولا كثير ، وأين محاكاة الببغاء من فصاحة الإنسان؟
وأين هذه الكلمات السوقية الركيكة ، من ألفاظ القرآن الرفيعة ومعانيه العالية؟ وهل المعارضة إلا الإتيان بمثل الأصل فى لغته وأسلوبه ومعانيه أو بأرقى منه فى ذلك؟.
يقول حجة الأدب العربى ، فقيدنا الرافعى عليه سحائب الرحمة : إن مسيلمة لم يرد أن يعرض للقرآن من ناحية الصناعة البيانية ؛ إذ كانت هذه الناحية أوضح من أن يلتبس أمرها عليه ، أو أن يستطيع تلبيسها على أحد من العرب ، وإنما أراد أن يتخذ سبيله إلى استهواء قومه من ناحية أخرى ظنها أهون عليه وأقرب تأثيرا فى نفوسهم. ذلك أنه رأى العرب تعظم